النسب والإضافات كالأبوة والبنوة، والتقديم والتأخير، والمعية، والقبلية والبعدية وجودية عند الفلاسفة عدمية عندنا، غير أن وجودها ذهني فقط، فهي موجودة في الأذهان لا في الأعيان، والأوصاف العدمية عدم مطلقاً في الذهن والخارج، فهذا هو الفرق بينهما، واستوى القسمان في العدم في الخارج فلذلك من منع هناك منع هنا.
حجة الجواز: أن علل الشرع معرفات، فللشارع أن ينصب حكماً على حكم آخر كما ينصب النجاسة التي هي حكم شرعي على تحريم البيع أو الأكل الذي هو حكم شرعي.
حجة المنع: أن الحكم شأنه أن يكون معلولاً، فلو صار علة لانقلبت الحقائق ولأن الحكمين متساويان في أن كل واحد منهما حكم شرعي، فليس جعل أحدهما علة للآخر أولى من العكس.
والجواب عن الأول: ليس في ذلك قلب الحقائق، بل يكون ذلك الحكم معلولاً لعلته
وعلة معرفة الحكم آخر غير علته فإن ادعيتم أن شأن الحكم أن لا يكون علته البتة فهذا محل النزاع. وعن الثاني: أن المناسبة تعين أحدهما للعلية والآخر للمعلولية، كما تقول نجس فيحرم، وطاهر فيجوز به الصلاة، فإن النجاسة مناسبة للتحريم، والطهارة مناسبة لإباحة الصلاة، فما وقع الترجيح إلا بمرجح، ولو عكس هذا وقيل لا يجوز بيعه فيحرم لم ينتظم، فإنه قد يحرم بيعه لغصبه أو لعجز عن تسليمه أو غير ذلك.
أما الجواز: فإن الشرف يناسب التكريم والتعظيم وتحريم الإهانة ووجوب الحفظ، والخسة: تناسب ضد هذه الأحكام من تحريم التعظيم وإباحة الإهانة، فهذا وجه جواز التعليل بها، وأما اشتراط اطرادها فإن ذلك الحكم إذا لم يوجد في جميع صور ذلك الوصف ويوجد الحكم بدونه ومعه فهو عدم التأثير، وهو يدل على عدم اعتبار ذلك الوصف، وأما التمييز فلأن التعليل بالشيء فرع تمييزه عن غيره، لأن الحكم يعتمد التصور.