السابع: يجوز التعليل بالعلة المركبة عند الأكثرين كالقتل العمد العدوان.
حجة الجواز: أن المصلحة قد لا تحصل إلا بالتركيب، فإن الوصف الواحد قد يقصر، كما تقول إن وصف الزنا لا يستقل بمناسبة وجوب الحد إلا بشرط أن يكون الواطئ عالماً بأنها أجنبية، فلو جهل ذلك لم يناسب وجوب الحد، وكذلك القتل وحده لا يناسب وجوب القصاص حتى يضاف إليه العمد العدوان.
حجة المنع: أن القول بتركيب العلة الشرعية يفضي إلى نقض العلة العقلية. بيانه أن القاعدة العقلية إن عدم جزء المركب علة لعدم ذلك المركب، فإذا فرضنا علة شرعية مركبة أو عقلية فعدم جزء منها فلا شك أن ذلك المركب يعدم وتعدم تلك العلية تبعاً له، فإذا عدم جزء آخر بعد ذلك لم يترتب عليه عدم ذلك المركب ولا تلك العلية لتقدم ذلك على عدمه، وإلا لزم تحصيل الحاصل، فقد وجدت العلة العقلية بدون أثرها وهو نقض العلة العقلية وهو محال.
فإن قلت: هذا يقتضي أن لا يوجد مركب في العالم وهو خلاف الضرورة.
قلت: لا معنى للمركب في الخارج إلا تلك الأجزاء، والمجموع إنما هو صورة ذهنية، أما العلية فهي حكم شرعي خارجي عرَض لذلك المركب فافترقا.
والجواب: أن نقض العلة العقلية غير لازم، لأنه إذا عدم جزء من الثلاثة عدمت الثلاثة والباقي بعد ذلك هو جزء الاثنين لا جزء الثلاثة، فإذا عدم أحد الاثنين الباقيين الآن
يعدم مجموع الاثنين، فعدمه علة لعدم الاثنين لا لعدم الثلاثة لأن عدم الباقي ليس جزء الثلاثة؛ فإن جزئية الثلاثة أمر نسبي يذهب عند ذهاب أحد الطرفين وهو الثلاثة.
الثامن: يجوز التعليل بالعلة القاصرة عند الشافعي وأكثر المتكلمين خلافاً لأبي حنيفة وأصحابه إلا أن تكون منصوصة، لأن فائدة التعليل عند الحنفية التعدية للفرع وقد انتفت. وجوابهم: بقي سكون النفس للحكم والاطلاع على مقصود الشرع فيه.
قال القاضي عبد الوهاب بالقاصر، قال أصحابنا وأصحاب الشافعي وانبنى على ذلك تعليل الذهب والفضة بأنهما أصول الأثمان والمتمولات، ومنعها أكثر العراقيين، وفضل بعضهم بين المنصوصة والمستنبطة، فمنع المستنبطة، إلا أن ينعقد فيها إجماع.