حجة المنع مطلقاً: أن القاصرة غير معلومة من طريقة الصحابة رضوان الله عليهم فلا تثبت، لأن القياس وتفاريعه إنما يتلقى من الصحابة، ويلزم من عدم المدرك عدم الحكم.
حجة من فصل بين المنصوصة وغيرها: أن النص تعبد من الشارع يجب تلقيه بالقبول أما استنباطنا نحن فلا يجوز أن يكون إلا للتعدية.
والجواب عن الأول: أن المنقول عن الصحابة رضوان الله عليهم الفحص عن حكم الشريعة وأسرارها بحسب الإمكان، ومن حكمة الشريعة الاطلاع على حكم الشرع في الأصل، فيكون ذلك أدعى لطواعية العبد وسكون نفسه للحكم.
وعن الثاني: أنا نستنبط لما تقدم من الفوائد، ولأنه قد يجتمع في الأصل مع القاصرة وصف متعد، والحكم منفي عنه بالإجماع، فيكون ذلك الوصف المتعدي إنما ترك لأجل عدم القاصرة، فإن عدم العلة علة لعدم المعلول، فإن لم يعتبر القاصرة يكون المتعدي قد ترك بلا معارض. وهذه فائدة أخرى في اعتبار القاصرة.
التاسع: اتفقوا على أنه لا يجوز التعليل بالاسم العاشر، اختار الإمام أنه لا يجوز التعليل بالأوصاف المقدرة خلافاً لبعض الفقهاء كتعليل العتق عن الغير بتقدير الملك.
أما الاسم بمجرده فلأنه طردي محض والشرائع شأنها رعاية المصالح ومظانها أما ما لا يكون مصلحة ولا مظنة لمصلحة فليس دأب الشارع اعتبارهن وأما المقدرات فقد اشتد نكير الإمام فخر الدين عليها، وأنها من الأمور التي لا يجوز أن تعتقد في الشرائع، وأنكر كون الولاء للمعتق عن الغير معللاً بتقدير الملك له، وأنكر تقدير الأعيان في الذمة، وأنها لا تتصور.
واعلم أن المقدرات في الشريعة لا يكاد يعرى عنها باب من أبواب الفقه، وقد بسطت ذلك في كتاب الأمنية. وكيف يتخيل عاقل أن المطالبة تتوجه على أحد بغير أمر مطالب به،
وكيف يكون الطالب بلا مطلوب؟! وكذا المطلوب يمتنع أن يكون معيناً في السلم وإلا لما كان سلماً، فيتعين أن يكون في الذمة، ولا نعني بالتقدير إلا هذا، وكيف صح العقد على أردب من الحنطة وهو غير معين ولا مقدر في الذمة، فحينئذ هذا عقد بلا معقود عليه، بل لفظ بلا معنى، وكذلك إذا باعه