الخاص كالجوهر والعرض عند المتكلمين فإنا لا نعني بالنقل إلا غلبة استعماله حتى صار لا يفهم عند عدم القرينة إلا هو، دون الحقيقة الأصلية، وقد يوجد النقل بدون المجاز الراجح، بأن يقع النقل لا لعلاقة كالجوهر، فإنه وضع في اللغة للنفيس من كل شيء ثم نقل للمتحيز الذي لا يقبل القسمة، وهو في غاية الحقارة، فلا مشابهة بينه وبين النفيس، ولا علاقة تصلح بينهما؛ فإنا نشترط في العلاقة أن يكون لها اختصاص وشهرة ولا يكتفى بمجرد الارتباط كيف كان، وإلا أمكن أن يقال النفاسة لا تقع إلا في الجوهر فبينهما ملابسة فهو مجاز، ولو فتح هذا الباب صح التجوز بكل شيء إلى كل شيء، وقد نصوا على منعه؛ فقد قال الإمام فخر الدين إن استعمال لفظ السماء في الأرض لا يصلح أن يكون
مجازاً مع أنها تقابلها وتلازمها والملازمة أحد أقسام العلاقة لكنا نعني بالملازمة ما هو أخص من هذا كملازمة الراوية (١) للجمل الحامل لها، والمسببات لأسبابها ونحو ذلك، وكذلك لفظ الذات موضوع للمصاحبة لغة، ونقل في عرف المتكلمين لذات الشيء وألغيت المصاحبة بالكلية، فهو منقول لا مجاز راجح؛ لانتفاء العلاقة التي هي شرط في أصل المجاز، وإذا تعذر المجاز المطلق تعذر المجاز الراجح بطريق الأولى؛ فحينئذ المنقول أعم مطلقاً والمجاز الراجح أخص مطلقاً هذا إذا نسبنا المنقول إلى المجاز الراجح، فإن نسبناه إلى أصل المجاز كان كل واحد منهما أعم من الآخر من وجه وأخص من وجه، لأن كل واحد منهما قد وجد مع الآخر وبدونه، وهذا هو ضابط الأعم من وجه والأخص من وجه، فوجد المجاز ولا نقل كالأسد في الرجل الشجاع، والنقل ولا مجاز كالجوهر والذات عند المتكلمين، واجتمعا معاً في الدابة والراوية.
فرع: كل محل قام به معنى واجب أن يشتق له من لفظ ذلك المعنى لفظ ويمتنع الاشتقاق لغيره خلافاً للمعتزلة في الأمرين فإن كان الاشتقاق باعتبار قيامه في الاستقبال فهو مجاز إجماعاً نحو تسمية العنب بالخمر،