للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

..................... الحال فهو حقيقة إجماعاً نحو تسمية الخمر خمراً أو باعتبار الماضي وفي (١) كونه حقيقة، أو مجاز قولان أصحهما المجاز، وهذا إذا كان محكوماً به، أما إذا كان متعلق الحكم فهو حقيقة مطلقاً نحو «اقتلوا المشركين» (٢) .

قيام المعاني بمحالها يوجب أحكامها لمحالها واستحقاق ألفاظ تلك الأحكام، فقيام العلم بالمحل يوجب له حكماً وهو كونه عالماً، واستحقاق لفظ هذا الحكم وهو لفظ عالم، والسواد إذا قام بمحل أوجب لمحله حكماً وهو كونه أسود، واستحقاق لفظ دال على هذا الحكم وهو لفظ أسود، ولا يقال لغيره الذي لم يقم به السواد أسود، والمعتزلة وافقوا في مثل هذا؛ وإنما أصل هذه المسألة والخلاف فيها أنهم قالوا في كلام الله تعالى إنه مخلوق في الشجرة لموسى عليه الصلاة والسلام فسمعه منها فهو قائم بها، ولم يشتق لها منه شيء، فلم يقل الله تعالى: وكلمت الشجرة موسى، بل حصل الاشتقاق لله تعالى ولم يقم به الكلام عندهم، فقال الله تعالى «وكلم الله موسى تكليماً» (٣) وكذلك اشتقوا (٤) لله تعالى عالماً وقديراً ومريداً وغير ذلك؛ ولم يقولوا قام العلم به، بل قالوا لم تقم به صفة

البتة، هذا أيضاً خالفوا فيه أهل الحق؛ فإن أهل الحق يقولون الكلام إنما هو قائم بذات الله تعالى، وجميع الصفات المشتق منها هذه الألفاظ قائمة به تعالى، فهذا موطن الخلاف. وأما ما في العالم من الألوان والطعام وغيرها فلم أر لهم فيه خلافاً وما أخالهم يخالفون فيه، فلذلك قلت خلافاً للمعتزلة في الأمرين.

وقولي فإن كان الاشتقاق باعتبار الاستقبال أو الحال أو الماضي أريد به


(١) في النسخة المطبوعة: في كونه، بإسقاط الواو.
(٢) تمام الآية: فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم - الآية ٥ سورة التوبة.
(٣) النساء ١٦٤.
(٤) في النسخة المطبوعة: اشتق بالإفراد.

<<  <   >  >>