وشرطه أن يكون جامعاً لجملة أفراد المحدود مانعاً من دخول غيره معه.
الحد أربعة أقسام: جامع مانع، ولا جامع ولا مانع، وجامع غير مانع، ومانع غير جامع. وأمثِّلها كلها بالإنسان. فقولنا الحيوان الناطق في حد الإنسان هو الجامع المانع. وقولنا في حده: هو الحيوان الأبيض ما جمع، لخروج الحبشة وغيرهم من السودان، وغير مانع لدخول الإبل والغنم والخيل والطير البيض.
وقولنا في حده: هو الحيوان جامع غير مانع، فجمع جميع أفراد الإنسان لم يبق إنسان حتى دخل في لفظ الحيوان، وما منع الدخول الفرس وغيره في حده. وقولنا في حده هو الحيوان، الرجل ما منع لأنه لا يتناول هذا اللفظ إلا الإنسان، وغير جامع لخروج النساء والصبيان وغيرهم منه، فهذه الأربعة ليس فيها صحيح غلا الأول وهو الجامع المانع، والثلاثة الأخر باطلة لعدم الجمع أو عدم المنع أو عدمهما، والحد إنما أريد للبيان، وليس بيان الحقيقة بأن يترك بعضها لم يتناوله الحد، فيعتقد السائل أنه ليس منها أو يدخل معها غيرها فيعتقد أنه منها فيقع في الجهل، وإنما قصد الخروج منه بسؤالنا، وهذا الشرط يشمل الحدود والرسوم وتبديل اللفظ باللفظ على ما سيأتي. وقولنا جامع هو معنى قولنا مطرد، وقولنا مانع هو معنى قولنا منعكس، فالجامع المانع هو: المطرد المنعكس.
قاعدة: أربعة لا يقام عليها برهان، ولا يطلب عليها دليل ولا يقال فيها لِمَ؟ فإن ذلك كله نمط واحد، وهي: الحدود والعوائد والإجماع والاعتقادات الكائنة في النفوس، فلا يطلب دليل على كونها في النفوس، فلا يطلب دليل على كونها في النفوس بل على صحة وقوعها في نفس الأمر.
فإن قلت: فإذا لم يطالب على صحة الحد بالدليل ونحن قد نعتقد بطلانه، فكيف الحيلة في ذلك؟.
قلت: الطريق في ذلك أمران. أحدهما: النقص كما لو قال: الإنسان عبارة عن الحيوان، فيقال له: ينتقض عليك بالفرس فإنه حيوان مع أنه ليس بإنسان. وثانيهما: المعارضة كما لو قال: الغاصب من الغاصب يضمن لأنه غاصب، أو ولد