المغصوب مضمون لأنه مغصوب؛ لأن الغاصب هو من وضع يده بغير حق، وهذا وضع يده بغير حق فيكون غاصباً، فنقول: تعارض هذا الحد بحد آخر وهو أن الغاصب هو رافع اليد المحقة وواضع اليد المبطلة وهذا لم يرفع يداً محقة فلا يكون غاصباً.
ويحترز فيه من التحديد بالمساوى والأخفى وما لا يعرف إلا بعد معرفة المحدود والإجمال في اللفظ.
المراد بالمساوى أي في الجهالة كما لو سئلنا عن العرفج فنقول هو العرفجين وهما متساويان عند السامع في الجهالة، والأخفى نحو ما البقلة الحمقاء فيقال هي العرفج؛ فإن البقلة الحمقاء هي أشهر عند السامع من العرفج والعرفجين. والجميع هي البقلة المسماة بالرجلة التي جرت عادة الأطباء يصفون بزرها لتسكين العطش، ونظير هذه التعريفات في الحدود: التزكية عند الحاكم، فإذا طلب تزكية من لا يعرفه البتة فزكاه رجل آخر لا يعرفه البتة لا يحصل المقصود. أو أتاه من يزكي وهو لا يعرفه البتة ولا رآه أصلاً، والأول رآه الحاكم، فإذا طلب تزكية من لا يعرفه البتة فزكاه رجل آخر لا يعرفه البتة لا يحصل المقصود. أو أتاه من يزكى وهو لا يعرفه البتة ولا رآه أصلاً، والأول رآه الحاكم يصلي في المسجد، فهذا الثاني أخفى من الأول، وفي المثال الأول مساو، فكذلك في الحدود لا يحصل المقصود بالتعريف، كما لم يحصل المقصود بتلك التزكية.
وأمّا ما لا يعرف إلا بعد معرفة المحدود فهو قسمان، تارة لا يعرف إلا بعد معرفته بمرتبة وتارة بمراتب. مثال الأول: قولنا في حد العلم هو معرفة المعلوم على ما هو به، مع أن المعلوم مشتق من العلم، والمشتق لا يعرف إلا بعد معرفة المشتق منه، فلا يعرف المعلوم إلا بعد معرفة العلم، والعلم لا يعرف إلا بعد معرفة المعلوم لوقوعه في حد العلم فيلزم الدَّور، وكذلك قولنا: الأمر هو القول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به، فالمأمور والمأمور به مشتقان من الأمر، فتعريف الأمر بهما دور كما تقدم، وكذلك الطاعة تعرف بأنها موافقة الأمر، فلا تعرف إلا بعد معرفة الأمر، فتعريف الأمر بها دور.
القسم الثاني: وهو ما لا يعرف المحدود إلا بعد معرفته بمراتب نحو قولنا