فقط، وإذا طابق الحكم بغير موجب فهو تقليد؛ كما يعتقد عوام المسلمين قواعد عقائدهم عن أئمتهم، فإذا سئلوا عن أدلة تلك القواعد لا يعلمون أدلتها.
فالتقليد هو أخذ القول من قائله من غير مستند وقد يكون مطابقاً كما تقدم، وغير مطابق كتقلد عوام الكفار وأهل الضلال لرؤسائهم وأحبارهم.
والعقلي المستغني عن الكسب كقولنا الواحد نصف الاثنين، فإن تصور المحكوم به والمحكوم عليه كاف في الجزم بإسناد أحدهما إلى الآخر، فهذا بديهي من التصديقات والبديهي من التصورات هو الغني عن الحدود والاكتساب بها، كأحوال النفس من جوعها وعطشها وألمها ولذاتها وغير ذلك، فإن هذه الحقائق ضرورية للبشر ولا يحتاج في معرفتها لتعلم ولا كسب بحد، بخلاف تصور معنى الحكم الشرعي والحقائق الخفية، فيحتاج فيها للحدود والرسوم الضابطة لها، وكذلك ما احتاج من التصديقات للكسب بالأدلة والبراهين فهو كسبي نحو حدوث العالم وكون الواحد عشر سدس الستين، وجميع المطالب المحتاجة للفكر، والعلوم الحسية هي العلوم المتفادة عن الحواس الخمس، وهي كلها في الرأس،
فأربعة خاصة به، وواحد يتعداه إلى غيره وهو اللمس، والمختصة السمع والبصر والذوق والشم.
فائدة: قال بعض اللغوين قولهم محسوسات لحن فإن الفعل المأخوذ من الحواس رباعي تقول أحس زيد بكذا، قال الله تعالى فلما أحس عيسى منهم الكفر. وأما حس الثلاثي فله ثلاثة معان أخر، تقول العرب حسه إذا قتله، وحسه إذا مسحه، ومنه حس الفرس، وحس إذا ألقى عليه الحجارة المحماة لينضج، فهذه الثلاثة يقول للمفعول فيها محسوس، وأما الحواس فمحس مثل مكرم ومعطى، وجميع الأفعال الرباعية فيكون جمعها محسات بضم الميم لا محسوسات، غير أن أكثر اللغويين يتوسعون في هذا الباب، ووقعت هذه العبارة لجمع كثير من الفضلاء كابي علي وغيره، وكأنهم نحوا بها نحو معلومات لاشتراك الجمع في الإدراك.
فائدة: قال بعض الفضلاء: هذا معنى قول العرب ضربت أخماسي في أسداسي، أي فكرت بحواسي الخمس في جهات الست لأن الجمع ست: فوق وأسفل وقدام