للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا في التعلق خلافاً لمن قال إن التعلق حادث، وقد صرح بذلك تاج الدين في الحاصل وغيره، فإن الذي يحيل حصول علم في الأزل بلا معلوم يحيل حصول أمر في الأزل بلا مأمور، وإذا كان له مأمور فله به اختصاص، وذلك الاختصاص هو التعلق، والتعلق قديم. وعن الرابع أن الوجوب في تلك الحالة إنما هو على الولي أن يخرج من مال المحجور، أما المحجور عليه فلا وجوب عليه ولا حكم. وعن الخامس أنه سؤال صحيح والحد ليس جامعاً لكل ما هو حكم شرعي بل أحد نوعيه خاصة وهو أحكام التكليف، أما الوضع فلا، وهو أحكام لا تعلم إلا من قبل الشرع تعبدنا الله تعالى باتباعها؛ فالإيجاب بعد الزوال قيد في الوجوب وهو غير الوجوب المطلق وسببه الزوال حكم شرعي، وتختلف فيه الشرائع.

فالحق أن نقول في الحد الحكم الشرعي هو كلام الله القديم المتعلق بأفعال المكلفين على وجه الاقتضاء أو التخيير أو ما يوجب ثبوت الحكم أو انتفائه، فما يوجب ثبوت الحكم هو الأسباب وما يوجب انتفاءه هو الشرط بعدمه أو المانع بوجوده، فيجتمع في الحد (أو) ثلاث مرات، وحينئذ يستقيم ويجمع جميع الأحكام الشرعية، وهذا هو الذي أختاره، ولم أر أحداً ركَّب الحد هذا التركيب.

واختلف في أقسامه فقيل خمسة: الوجوب والتحريم والندب والكراهة والإباحة، وقيل أربعة والمباح ليس من الشرع، وقيل اثنان التحريم والإباحة وفسرت بجواز الإقدام الذي سشمل الوجوب والندب والكراهة والإباحة، وعليه يتخرج قوله عليه الصلاة والسلام «أبغض المباح إلى الله تعالى الطلاق» فإن البغضة تقتضي رجحان الترك والرجحان مع التساوي محال.

والأول هو المشهور (١) ومنشأ الخلاف في أن المباح هل هو من الشرع أم لا لاختلافهم في تفسير المباح، فمن فسره بنفي الحرج ونفي الحرج ثابت قبل الشرع، أفلا يكون من الشرع، ومن فسره بالإعلام بنفي الحرج، والإعلام به إنما يعلم من قبل الشرع فيكون شرعاً، وتفسير الإباحة بنفي الحرج مطلقاً حتى يندرج فيها


(١) يقصد بالأول هنا: ألقول الأول الذي أدخل الإباحة.

<<  <   >  >>