وعن الثاني أن العبادة لا بد لها من نية مخصصة مميزة لها عن غيرها، وهذا القضاء ليس نفلاً ولا كفارة ولا نذراً ولا تجدد سببه، فتعين إضافته لذلك السبب، فلم يبق له معنى إلا إضافته لرمضان ليتميز عن غيره، لا لأنه تقدمه وجوب. وعن الثالث أن التعذر في رمضان جعله الشرع سبباً لوجوب ما هو قدره؛ فلذلك تبعه في المقدار لا لتقدم الوجوب؛ لأن السبب كذلك نصبه الشارع.
قالت الحنفية: لا يرد علينا مصادمة الوجوب والتحريم في زمن واحد، لأنا لم نعين زمن الحيض للوجوب، بل قلنا هو على التوسعة، بخلاف القاضي عبد الوهاب.
قلت: وإن لم يرد عليهم هذا الإشكال يرد عليهم أن الواجب الموسع شأنه أن يفعل في أول الوقت إن شاء المكلف، وهذه لو أرادت أن تصوم في زمن الحيض منعت، فلم يبق للوجوب ظرف إلا بعد الحيض، وهو متفق عليه، فذكر التوسعة مغالطة لا يحصل منها طائل بل يتعين. أما مذهب القاضي أو مذهب المازري بعدم الوجوب مطلقاً وهذه الحجاج وأجوبتها مبسوطة في الفقه في كتاب الذخيرة.
وقولي: المزيل للإثم قد يصح معه الأداء المرض، والمرض قسمان تارة يسقط الوجوب لأجل فرط المشقة لطفاً بالمكلف من غير فساد عضو ولا نفس، فهذا يصح معه الأداء كالصلوات الخمس جزماً وتارة يكون الصوم محرماً يفضي لهلاك نفس أو عضو فهذا
قال الغزالي في المستصفي: يحتمل إذا فعل لا يجزئ عنه لأنه حرام، والحرام لا يجزئ عن الواجب، ويحتمل تخرجه على الصلاة فيا لدار المعصوبة، فإنه تصح: لأنه مطيع لله تعالى بصومه وجان على النفس بالفساد كما جنى الغاصب على منافع المغصوب وفيه احتمال.
فائدة: العبادة قد توصف بالأداء والقضاء كالصلات الخمس، وقد لا توصف بهما كالنوافل، وقد توصف بالأداء وحده كالجمعة والعيدين.
تمثيلي بالعيدين إنما هو على مذهب مالك رحمه الله، وإلا فالشافعي وأحمد رضي الله عنهما يقولان بالقضاء أيضاً في العيدين وكل صلاة نافلة لها سبب، وعلى الجمعة إشكال من جهة أن العرب لا تصف الشيء بصفة إلا إذا كان قابلاً لضدها، فلا