يقولون للحائط أنه أعمى وإن كان لا يبصر لأنه لا يقبل البصر عادة، وكذلك لا يقولون له أصم لأنه لا يقبل السماع، ولذلك قال الإمام فخر الدين في المحصول: إن العبادة لا توصف بالإجزاء إلا إذا أمكن وقوعها على وجهين الإجزاء وعدمه أما على وجه واحد فلا، كمعرفة الله تعالى، كذلك هنا لما كانت الجمعة لا تقبل القضاء ينبغي أن لا تصف بالأداء، ويحتمل أن يجاب عنه: بأن الامتناع المعتبر هو العقلي كالمعرفة أو العادي كالجدار، وأما هبنا فالجمعة قابلة عادة وعقلاً أيضاً أن يدخلها القضاء، لكن الشرع هو الذي منع، فالمنع الشرعي أحفض رتبة في إطلاقات اللغات؛ فإن اللغات إنما تنبني على ما هو معود كالعقل والعادة، وأما خصوص الشرائع فأمور لا تخطر ببال واضع اللغة حتى تقع، وقد لا تقع فلا يبنى عليها قواعد اللغة العامة.
الثالث: الإعادة وهي إيقاع العبادة في وقتها بعد تقدم إيقاعها على خلل في الأجزاء، كمن صلى بدون ركن، أو في الكمال كصلاة المنفرد.
هذا هو لفظ المحصول في اشتراط الوقت، وأما مذهب مالك فإن الإعادة لا تختص بالوقت بلفي الوقت إن كان لاستدراك المندوبات أو بعد الوقت كفوات الواجبات.
الرابع: الصحة وهي عند المتكلمين ما وافق الأمر، وعند الفقهاء ما أسقط القضاء، والبطلان يتخرج على المذهبين فصلاة من ظن الطهارة وهو محدث صحيحه عند المتكلمين، لأن الله تعالى أمره أن يصلي صلاة يغلب ظنه طهارته، وقد فعل فهو موافق للأمر، وباطله عند الفقهاء لكونها لم تمنع من ترتيب القضاء، وأما فساد العقود فهو خلل يوجب عدم ترتيب آثارها عليها إلا أن تلحق بها عوارض على أصولنا في البيع الفاسد.
اتفق الفريقان على جميع الأحكام، وإنما الخلاف في التسمية؛ فاتفقوا على أنه موافق لأمر الله وأنه مثاب، وأنه لا يجب عليه القضاء إذا لم يطلع عل الحدث،