خطاب تكليف، والزواج واجب أو مندوب أو مباح، وهو سبب الإباحة، والطلاق كذلك وهو سبب تحريم، والقتل حرام وهو سبب حرمان الإرث، واللعان سبب التحريم ونفي الولد، وهو واجب أو مباح، فاجتمع الأمران. مثال انفراد الوضع زوال الشمس، وجميع أوقات الصلوات أسباب لوجوبها ورؤية الهلال سبب لوجوب رمضان، وصلاة العيدين والنسك، وهذه التجددات ليس في قطعها خطاب تكليف، ودوران الحول شرط، والحيض مانع، والبلوغ شرط، وجميع ما يترتب على هذه هو شيء آخر غيرها، فالوضع في شيء والتكليف في شيء آخر، ولا يتصور انفراد التكليف إذ لا تكليف إلا وله سبب أو شرط أو مانع، وأبعد الأمور عن ذلك الإيمان بالله تعالى ومعرفته وهما سببان لعصمة الدم والمال، والكفر والنفاق وهما سببان للإباحة فيهما.
إذا تقرر هذا فنقول: السبب ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته، فالأول احتراز من الشرط، والثاني احتراز من المانع، والثالث احتراز من مقارنته فقدان الشرط أو وجود المانع، فلا يلزم من وجوده الوجود أو إخلافه بسبب آخر، فلا يلزم من عدمه العدم.
إنما قلت احتراز من الشرط لأنه لا يلزم من وجود الشرط ولا عدم، وقولي يلزم من عدمه العدم احتراز من المانع فإن عدم المانع لا يلزم منه شيء، كما تقول الدين مانع من الزكاة، فإذا لم يكن عليه دين لا يلزم أن تجب عليه الزكاة، لاحتمال فقره مع عدم الدين، ولا أن لا تجب الزكاة لاحتمال أن يكون عنده نصاب حال عليه الحول، وكذلك دوران الحول شرط، ولا يلزم من وجوده وجوب الزكاة لاحتمال فقره، ولا عدم وجوب الزكاة لاحتمال غناه، فإن قارن السبب فقدان الشرط كالنصاب قبل الحول فإنه لا يلزم من وجود الحكم الذي هو وجوب الزكاة، وكذلك وجود المانع الذي هو الدين لا يلزم الوجود، وكذلك إذا أخلف السبب سبب آخر لا يلزم العدم، كما إذا فقد الزنا لا يلزم أن لا يجب الجلد لإخلافه بالقذف، وكذلك الردة بسبب القتل فقد تخلفها جناية القتل