(المترجم: من الواضح أن المؤلف قد أخرج هذه الايات عن سياقها، فاية سورة الحجر مسبوقة بالايتين التاليتين: (قالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) ..) فكانت الاية رقم ٨ الانف ذكرها ردا على طلبهم، وفى اية سورة القدر ليس هناك اشارة الى نزول الملائكة فحسب) . وأكثر من هذا، ففى الحقبة المكية ليس هناك ذكر- على قدر ملاحظتى- لسماع النبى ما أنزل عليه. وربما، لذلك، يجب أن نتصور أن الروح يأتى بالرسالة الى قلب محمد صلّى الله عليه وسلم أو عقله بطريقة ما غير التحدث اليه «٤٧» .
وهذا بالتأكيد وحى كلامى داخلى interior locution وربما كان من النوع العقلى أقرب منه الى النوع التخيلى، ومن المفترض أنه لم يكن مصحوبا بأية رؤى ولا حتى عقلية، لأن ذكر روح Spirit يعطينا انطباعا بشرح التجربة على المستوى الفكرى وليس وصف جانب منها.
وربما كانت بعض الروايات مرتبطة بهذه (الكيفية) الأولى. وعلى هذا نجد فى الحديث الثانى فى صحيح البخارى المنسوب الى عائشة رضى الله عنها:
«حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها أن الحارث ابن هشام رضى الله عنه سأل النبى صلّى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحى؟
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:(أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده على فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول) قالت عائشة