للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حملة لحصار المدينة فى السنة الخامسة للهجرة. لكن هذا التحالف القائم على المصالح كان دائما عرضة للتفسخ، بمجرد أن يحس أن مصالحه متعارضة مع مصالح الجماعة ككل. كما أن مثل هذا التحالف قد يكون مفيدا فى القضايا الكبرى والأعمال التجارية الضخمة والسياسات، لكنه أقل اقناعا فى الحياة اليومية لمن هم أقل شأنا. وفى هذا الجو، اختفى معنى الأمن فى العيش فى أحضان الأقرباء، وبذلك كان هناك فراغ أمنى ظل شاغرا بعد تقطع أواصر القبيلة والعشيرة (فى مكة) .

والايات القرانية الأولى (وفقا للقائمة التى أوردناها فى هذا الفصل) لم تقدم سوى تنبيه للعلاج الحقيقى لهذا الوضع، أعنى أنها ركزت على أن الأساس الجديد للتضامن الاجتماعى انما يكمن فى الدين.

وربما كان التركيز على واجبات الكرم (المقصود الاحسان الى الاخرين) مقصودا به تخفيف حدة المشاكل، فلا بد من تقديم المساعدة المادية للفقراء (رغم أن هذا بلا شك، لم يكن الهدف الأساسى للكلام) ولا بد أن يتوقف النظر للمال كقاسم اجتماعى كبير، فالأثرياء- الى حد ما- لا بد أن يعتبروا أنفسهم (وكلاء (stewards فى ثرواتهم، أكثر من أن يعتبروا أنفسهم مالكين لها ملكية مطلقة. ومبدأ الوكالة هذا Stewardship كما يسميه الغرب فى بعض الأحيان- يعنى أن الانسان الذى حصل ثروة لا يجب أن يستخدمها لسعادته ومتعته فحسب وانما- الى حد ما- لسعادة مجتمعه، هذا المعنى الكامن فى مبدأ (الوكالة) الغربى يظهر واضحا فى سورة المعارج (٧٠) :

(وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) ..) .

فما يأخذه السائل والمحروم حق.recognized right ومن ناحية أخرى لم يحاول الاسلام أن يستعيد النظام القديم المبنى على التضامن القبلى فقد استقر مبدأ وعى الفرد بفرديته، وكان لا بد أن يكون مقبولا، كما كان لا بد من وضعه فى الاعتبار، فقد قدم لنا القران الكريم اليوم الاخر على أنه يوم يحاسب فيه كل فرد عن عمله، وفى السورة ٨٢ (الانفطار) :

<<  <   >  >>