مصطلحات تعبر عن المفاهيم والصيغ الفكرية للعرب المعاصرين ونظرة أهل مكة. فمن غير العربى يختار الجمل دون غيره من مخلوقات الله للدلالة على عظمة الله سبحانه «٢٤» ؟ والصفات الاخرى التى يشير بها القران لقدرة الله سبحانه هى- بلا شك- متناسبة مع العرب خاصة. وأفعال الكرم التى يحث القران الكريم عليها تتمشى مع المثل البدوية القديمة.
أنه لامر بديهى أن يبدأ أى مصلح بمخاطبة الناس كما هم (واضعا فى اعتباره أفكارهم الموجودة فعلا) . ويمكن شرح ذلك بطريقه سلبيه اذا اعتبرنا انه لم يكن هناك نقد للربا فى السور المكية. فاذا كان النظام المالى الذى تطور فى مكة هو المصدر الأساسى للمتاعب، فلم لم يكن هناك نقد للربا فى أوائل ما نزل من القران الكريم؟ (فى الكيرجما القرانية كما ظهرت فى الايات والسور الأولى) . لكن حتى لو سلمنا بصحة اسم الشرط فى الجملة السابقة (كون الظروف الاقتصادية هى المصدر الأساسى للمتاعب) ، فكيف نتجنب السؤالين التاليين: كيف كان يمكن نقد نظام الربا؟ وكيف كان يمكن تمرير «نقد نظام الربا» الى أهل مكة؟ اننا لن نعدم عندئذ أن يقول قائل ان الربا ليس شيئا سيئا، لأنه لم يكن هناك مفهوم مجرد لما هو (صحيح) وما هو (خطأ) فى الاستشراف العربى (الاستشراف نوع من توقع نتائج أمر ما) . فقد كان الأقرب الى فهمهم هو (الشرف) و (ما يتنافى مع الشرف) ، لكن مفهوم الشرف ونقيضه كانا مرتبطين بالمثل الأخلاقية التقليدية، ووفقا لهذه المثل فلا شىء يعاب فى الربا فى حد ذاته، أو بتعبير اخر قد يرى أهل مكة فى هذه المرحلة المبكرة من الدعوة أن الربا لا يتعارض مع الشرف بمفهومهم التقليدى له، وحتى اذا كان الشرف بمفهومه التقليدى ما زال قائما، فقد كان قد فقد كثيرا من قوته فى مكة. فلم تكن هناك قاعدة- اذن- فى الاستشراف المكى لقبول فكرة نقد الربا فى هذه الفترة المبكرة. ولم توجد هذه القاعدة الا عندما تم تكوين المجتمع الاسلامى الجديد القائم على أوامر الله سبحانه ثم تجلت فى القران الكريم، فعندها كان يمكن أن يكون الأمر الالهى (لا ربا) أساسا من أسس هذا المجتمع، وحتى عندما تم تطبيق