للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الأمر فى المدينة فقد كان موجها أساسا ضد اليهود «٢٥» *. هذا التركيز على الاستمرار أو التواصل بين القران الكريم، والاستشراف العربى القديم، قد يبدو متناقضا مع ما ذكره جولدتسيهر، Goldziher فى الفصل الأول من كتابه الشهير Muhammedanische Studien والذى تناول فيه (المروة) و (الدين) مع أنه ليس لدينا ما ندفع به ضد كتابات جولدتسيهر. الا أن التناقض- على أية حال- ليس كاملا. ان هناك بعض التناقض بين ما دعا اليه محمد صلّى الله عليه وسلم على أسس قرانية من ناحية والتراث العربى القديم- بشكل واضح. ولو لم يكن الأمر كذلك، لما كانت هناك معارضة عنيفة له. وعلى أية حال، فان المرء بوسعه أن يميز بين الدين من ناحية والجوانب الأخلاقية المستقيمة فى المروة. فالجانب الدينى- هو ما أطلق عليه عادة النزعة الانسانية -humanism يتكون من الثقة فى الانسان وانجازاته وفى الاعتقاد فى أن معنى الحياة يتجلى فى الامتياز الانسانى، وهذا ما هاجمه القران الكريم بوضوح وبلا شك. أما الجوانب الأخلاقية الخالصة (التى أضعها فى اعتبارى عادة عند الحديث عن المروة) ، فهى مثل أخلاقية تشمل الشجاعة والصبر والكرم والاخلاص وما الى ذلك، فهذه لم يهاجمها القران الكريم، بل لقد انتقد أهل مكة لأنهم لم يضعوها فى اعتبارهم.

وعندما يمعن القارىء فى الفصل الذى كتبه جولدتسيهر. فانه يكتشف جوانب ضعف مختلفة. فبيانه عن التناقض بين المروة والدين يتضمن ثلاثة أمور: ففى مواجهة الأخذ بالثأر دعا محمد الى الصفح والغفران، ووضع الاسلام قيودا على الحرية الشخصية خاصة فيما يتعلق بالخمر والنساء، وفرض الاسلام الصلاة وهى بالتأكيد تتضمن توجها يتناقض بعمق مع حب البدو للاستقلال. ولا خلاف حول هذا الأمر الأخير، فهو الجانب الدينى للمروة. وعلى أية حال، فالتوضيحات الاخرى


Muhammad at Medina ,٢٩٦ f. (٢٥)
* هذا التخصيص بجعل تحريم الربا موجها لليهود تخصيص لا دليل عليه، فالربا هوجم فى القران الكريم بوجه عام. قال تعالى: «يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا» (البقرة ٢٧٦) وكان العباس عم الرسول يعمل بالربا- (المراجع) .

<<  <   >  >>