للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المهتم بموضوع (المصادر) أن يناقش بشكل عملى كل النقاط التى يريد مناقشتها دون أن يكون معارضا للعقيدة الاسلامية. وسيكون من الملائم أن نتعامل على حدة مع كل من العنصرين التاليين: (١) الأفكار الأساسية و (٢) المادة التوضيحية والافكار الثانوية.

ففى مجال الأفكار الأساسية، كفكرة الله (سبحانه) ويوم الحساب، فان القران الكريم نفسه (وكذلك الباحثين الغربيين) يشير الى أن الأفكار القرانية فى هذا الصدد متشابهة الى حد كبير مع أفكار اليهودية والمسيحية. ألا يعنى هذا أن القران الكريم غير أصيل وأنه لا يمثل عاملا خلاقا؟ الحق أن هذا القول غير صحيح بالمرة. فهذا التماثل identity يرجع الى أن الذين خاطبهم القران (الكريم) بمن فيهم محمد صلّى الله عليه وسلم نفسه، كان بعضهم متالفا بالفعل مع هذه الأفكار عن الله سبحانه ويوم الحساب، لكن ربما لم تكن على درجه كافية من الوضوح. لقد بدأ القران هنا بالتعامل مع الناس كما هم أى بالأفكار التى كانت لديهم بالفعل، فلم يكن أى يهودى أو مسيحيي يتكلم العربية بقادر على احراز النجاح الذى حققه محمد صلّى الله عليه وسلم، لو وقف بين أهل مكة وراح يكرر الافكار اليهودية والمسيحية. لقد كان سيبدو غريبا بينهم، أما القران الكريم فقد خاطبهم عن الأفكار اليهودية المسيحية على نسق التفكير العربى وبفكر كان بالفعل حاضرا فى عقول المتنورين منهم. ان أصالة القران الكريم تظهر فى أنه قدم لهم مزيدا من التفاصيل عن أفكار كانت موجودة عندهم، وكذلك مزيدا من الدقة والتحديد، كما قدم لهم ما جعلهم يركزون على شخصية محمد صلّى الله عليه وسلم ومهمته كرسول لله سبحانه، وكانت فكرة الوحى والنبوة بالتأكيد أفكارا يهودية مسيحية، فأن نقول ان الله سبحانه يوحى كلماته من خلال محمد صلّى الله عليه وسلم ليس- على أية حال- الا مجرد تكرار لما حدث فى الماضى، لكنه جزء من عامل فعال.

ويتعرض أوائل ما نزل من السور والتى ناقشناها انفا- بشكل جوهرى- للأفكار الأساسية للعقيدة الاسلامية، وليس من أحد من متنورى العصر بمن فيهم محمد صلّى الله عليه وسلم نفسه، الا ولديه فكرة عنها. وتصبح القضية أصعب اذا تناولنا المادة التوضيحية التى استخدمها القران الكريم مثل

<<  <   >  >>