للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصص الأنبياء. فما أورده القران من قصص للأنبياء قريب مما ورد فى المصادر اليهوديه والمسيحيه- عادة ليس من الأسفار المعتمدة فى العهدين القديم والجديد، وانما من الاعمال المنسوبة الى الربيين (الاحبار) ، ومن الكتابات الابوكريفية الملحقة بالعهد الجديد. ففى مثل هذه الحالات يجد الباحثون الغربيون صعوبة فى مقاومة الاغراء فى أن يصلوا الى نتيجة مؤداها أن القران الكريم من عمل محمد صلّى الله عليه وسلم وأنه صلّى الله عليه وسلم يكرر القصص التى سبق أن سمعها. لكن المسلمين لهم وجهة نظر أخرى.

عندما قبل المسلمون الاوائل محمدا صلّى الله عليه وسلم كنبى أصبحوا مهتمين بأخبار الأنبياء السابقين، وكذلك كان محمد صلّى الله عليه وسلم مهتما مثلهم وراحوا يبحثون عن أخبارهم بقدر استطاعتهم. وبالتالى، فقد ازداد رصيدهم من المعلومات بالتدريج، وقد انعكس هذا فى القران. وبعض ايات القران نفسه تشير الى أن المادة التوضيحية (قصص الأنبياء) كانت معروفة:

(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) ..)

الاية ١٧/ السورة ٨٥ (البروج) .

وفى الوقت نفسه، فهناك اية أخرى تشير الى أنه ليس كل التفاصيل كانت معروفة حتى لمحمد صلّى الله عليه وسلم نفسه:

(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ ... ) الاية ٤٤/ السورة ٣ (ال عمران) .

وعلى أية حال، فهنا يجب أن نتذكر أن الفصل بين الحقيقة المجردة من ناحية ودلالاتها من ناحية أخرى، وهو ما يأخذ به مفكرو الغرب، ليس أمرا واضحا تماما فى الشرق. ربما كان محمد صلّى الله عليه وسلم قد عرف الحقائق المجردة فى سور وايات تشير الى قصص مريم وعيسى وزكريا ويوحنا (عليهم السلام) . وكان محمد صلّى الله عليه وسلم يعلم بالفعل عنهم شيئا، لكنه ربما لم يكن يدرك معنى الحقائق المجردة وأنه كان مطلوبا أن يعلم مزيدا من المعلومات عنها (أى عن دلالات هذه القصص) . ان المهمة الأساسية لهذه القصص-

<<  <   >  >>