للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنها الغرانيق العلى وان شفاعتهن ترتضى. يقول الله حين ذكر اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى، الى قوله: (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) ، أى فكيف تنفع شفاعة الهتكم عنده. فلما جاءه من الله ما نسخ ما كان الشيطان ألقى على لسان نبيه، قالت قريش: ندم محمد على ما كان من منزلة الهتكم عند الله، فغير ذلك وجاء بغيره! وكان ذلك الحرفان اللذان ألقى الشيطان على لسان رسوله قد وقعا فى فم كل مشرك، فازدادوا شرا الى ما كانوا عليه.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت داود، عن أبى العالية، قال: قالت قريش لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: انما جلساؤك عبد بنى فلان ومولى بنى فلان، فلو ذكرت الهتنا بشىء جالسناك، فانه يأتيك أشراف العرب فاذا رأوا جلساءك أشراف قومك كان أرغب لهم فيك! قال: فألقى الشيطان فى أمنيته، فنزلت هذه الاية: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى)

قال: فأجرى الشيطان على لسانه: «تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترجى، مثلهن لا ينسى» .

قال: فسجد النبى صلّى الله عليه وسلم حين قرأها، وسجد معه المسلمون والمشركون.

فلما علم الذى أجرى على لسانه، كبر ذلك عليه، فأنزل الله: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) ...

الى قوله: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) .

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن داود بن أبى هند، عن أبى العالية قال: قالت قريش:

يا محمد انما يجالسك الفقراء والمساكين وضعفاء الناس، فلو ذكرت الهتنا بخير لجالسناك فان الناس يأتونك من الافاق! فقرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم سورة النجم، فلما انتهى على هذه الاية: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ألقى الشيطان على لسانه: «وهى الغرانقة العلى، وشفاعتهن ترتجى» . فلما فرغ منها سجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم والمسلمون والمشركون، الا أبا أحيحة سعيد بن العاص، أخذ كفا من تراب وسجد عليه، وقال: قد ان لابن أبى كبشة أن يذكر الهتنا بخير! حتى بلغ

<<  <   >  >>