للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا، فان دراسة المضامين السياسية لهذه الايات الشيطانية (ايات الغرانيق) تعد أمرا شائقا. أفعل محمد ذلك رغبة منه فى الحصول على مؤيدين له فى المدينة والطائف وفى القبائل المحيطة بهما؟

هل حاول احداث توازن بين هؤلاء وزعماء قريش الذين يناوئونه، بأن يجمع حوله أكبر عدد من المؤيدين؟ ثم فى أقل القليل، أليس ذكره لهذه الأوثان دليلا على أن رؤيته قد اتسعت، أى أن نظره بدأ يتجه لأبعد من دعوة قريش؟

ان الرواية المنسوبة لأبى علية (بضم العين) (فى الطبرى ابن علية) والتى أوردناها انفا تشير الى ان قريشا قد عرضت على محمد (صلّى الله عليه وسلم) ان تقبل ما يقول به وأن تقبله فى أوساطها اذا ذكر ربانها (بخير) ، وهناك أيضا روايات أخرى شبيهة بما أورده ابن علية. فأحيانا يقال انهم قد عرضوا عليه الثروة والزوجة الحسنة، ومركز الصدارة، وأحيانا عرضوا عليه فى تعبيرات أكثر عمومية زعامة قريش فى المجالين الدينى والتجارى «١٠» .

وبصرف النظر تماما عن مسألة التفاصيل، فثمة شك يمكن تبريره فيما اذا كانت هذه الروايات قد تم تلفيق جانب كبير منها بقصد اظهار أهمية محمد (صلّى الله عليه وسلم) فى هذه الفترة. أكان حقا من الأهمية بدرجة كافية لتجعله يكاد يعامل على قدم المساواة مع زعماء مكة؟ وبشكل عام، فان صورة محمد (صلّى الله عليه وسلم) كما قدمتها هذه الحكايات ربما كانت أقرب ما تكون الى الحقيقة. (المترجم: بعد أن أثار المؤلف عدة أسئلة، عاد


ابراهيم وبشرى أخى عيسى، ورأت أمى حين حملت بى أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام..) ص ١٠٥، وكانت خديجة بنت خويلد قد ذكرت لورقة بن نوفل عمها وكان نصرانيا قد تتبع الكتب وعلم من علم الناس- ما ذكره لها غلامها ميسرة من قول الراهب.. فقال لها ورقة: لئن كان هذا حقا يا خديجة فان محمدا لنبى هذه الأمة.. (ص ١٢١) . وكان يوصف بالأمين (ص ١٢٥) .. ويردد علماء الدين أنه صلّى الله عليه وسلم لم يسجد لصنم قط. وتحنثه فى غار حراء قبل البعثة معروف.
(١٠) تاريخ الطبرى، ١١٩١، وانظر أيضا تفسير الطبرى ج ٥، الايات من ٧٥ الى ٧٧ من السورة رقم ١٧ (الاسراء) : (إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (٧٥) . وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (٧٦) . سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا (٧٧) ... ) .

<<  <   >  >>