فأنكرها على اعتبار أن الصورة مقبولة بشكل عام. ولا نجد مبررا لسوق مقتطفات طوال من كتب السيرة: ابن هشام، والجزء الخاص بالسيرة فى كتاب الطبقات الكبرى للواقدى. فمسيرة الأحداث تثبت أن رسول الله كان مهما، بل فى الغاية من الأهمية فقد فتح مكة بعد ذلك وأسس دولة، ونشر دينا عالميا فى مختلف أرجاء العالم، ولا زال ينتشر) .
لا بد أن نتذكر أن النجاح الأصلى (الاولى) الذى أحرزه محمد (صلّى الله عليه وسلم) كان قليلا- ربما بسبب تواضع أنساب من تبعوه فى وقت من الأوقات ثم انشقوا عنه (ارتدوا - (fell away ولم تكن هناك رغبة فى اعادة ذكر مثل هذه الأمور. وفى رواية أبو علية (فى الطبرى ابن علية) نلاحظ أن محمدا (صلّى الله عليه وسلم) كانت له السيادة بين زوار مكة، مع أن أحدا من زعماء مكة لم يكن قد انضم اليه، وهذا التناقض يعد فى الغاية من الغباء اذا كانت الرواية مجرد ابتداع. دعنا اذن نقبل الرواية كما هى، ودعنا نذهب الى أن زعماء قريش راحوا يقدمون نوعا من العروض على محمد (صلّى الله عليه وسلم) مؤداها أن يحظى بتكريم لفظى مقابل بعض الاعتراف برباتهم. اننا لا يمكننا أن نكون متأكدين من ذلك. واعلان هذه الايات الشيطانية (ايات الغرانيق) يمكن بلا شك ربطه بهذه الصفقة.
ووفقا لهذه النظرة، فابطال هذه الاية الشيطانية (استخدم المؤلف الكلمة الانجليزية الدالة على النسخ، abrogation وقد بينا فى حاشية سابقة الفرق بين النسخ والوضع) لا بد أن يرتبط بفشل هذا الحل الوسط (التسوية) ، وليس هناك ما يدعونا للقول ان أهل مكة كانوا متواطئين مع محمد (متظاهرين بالخلاف معه: (double -crossed
لكنه- أى محمد صلّى الله عليه وسلم- أدرك أن الاعتراف ببنات الله (كما كان يقال عن اللات والعزى ومناة وغيرها) يعنى التقليل من شأن الله (سبحانه) ليكون مساويا لهذه الربات. لقد كانت طريقة تعبده عند الكعبة من الناحية الظاهرية لا تختلف اختلافا كبيرا عن طريقة العبادة التى كان يمارسها رهبان هذه الأوثان (اللات والعزى.. الخ) وان كانت لا تزيد عنها كثيرا فى التأثير، ومن هنا فان الاصلاح الذى نشده محمد