للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمصائب. ومن هنا فربما كانت عبارة (بنات الله) لا تعنى أكثر من أنها موجودات مقدسة أو موجودات فوقية (فوق طبيعية) ، أما كلمة الله فى هذه العبارة فهى تعنى ببساطة الاله the god ولا تعنى بالضرورة الاله الأعظم (الله، (God ولان كلمة الله بدأت تنصرف للتعبير على الموجود الأعلى سبحانه ولا تطلق على سواه، فان خطورة عبارة بنات الله أنها قد تعنى أن هذه (البنات) مساوية لله سبحانه، وهذا لا يتفق مع عقيدة التوحيد.

وفكرة أن اختلاف محمد (صلّى الله عليه وسلم) مع زعماء مكة كانت هى السبب فى الغاء الايات الشيطانية (ايات الغرانيق) ورفضه للعروض المقدمة منهم تتفق مع النقطة الثانية الواردة فى خطاب عروة الذى أوردناه فى صدر هذا الفصل، وهى أن بعض زعماء قريش ممن لهم ممتلكات فى الطائف هم الذين قادوا المعارضة الفعالة ضد محمد (صلّى الله عليه وسلم) . ومن الممكن تقديم تفسيرات مختلفة لهذه الحقيقة وان كان أفضلها هو أن هؤلاء الذين كانوا من بين زعماء قريش الذين كانوا مهتمين بشكل خاص بتجارة الطائف، قد ربطوا النشاطات التجارية فى هذا المركز التجارى (الطائف) بفلك الحياة المالية والتجارية فى مكة. وكان سحب الاعتراف بوثن (الربة) اللات يهدد- بشكل أو باخر- مشروعهم؛ مما أثار غضبهم الشديد ضد محمد (صلّى الله عليه وسلم) .

ومما يؤكد ما ورد فى خطاب عروة من أن التعرض للربات (الأوثان أو الطواغيت) كان هو السبب الكامن وراء مرحلة العداوة بين محمد وزعماء قريش، ما ورد فى القران الكريم. فثمة ايتان ترتبطان بذلك تقليديا. تتحدث هاتان الايتان عن اغراء أو اغواء (كاد) يخضع له محمد (صلّى الله عليه وسلم) :

(وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (٧٣) وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا (٧٤) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (٧٥) ..) .

سورة الاسراء (السورة ١٧) .

<<  <   >  >>