للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فى الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت فى ذلك من قبلنا، وانما أتى من قبل ناقليه الينا، وأنا انما أدينا ذلك على نحو ما أدى الينا» «١» .

وعند ما هذب ابن هشام سيرة ابن اسحق ذكر لنا أنه حذف من ابن اسحق بعضا مما يغضب الناس، بل بعضا مما لا يطيقه الناس.

اذن لقد وضع ابن هشام فى اعتباره (الناس) بالاضافة الى الحقيقة التاريخية وراح يوازن، وراح يحاول أن يكون محايدا قدر الامكان.

وتلك كلماته:

« ... وتارك بعض ما ذكره ابن اسحاق فى هذا الكتاب، مما ليس لرسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فيه ذكر، ولا نزل فيه من القران شىء، وليس سببا لشىء من هذا الكتاب، ولا تفسيرا له، ولا شاهدا عليه، لما ذكرت من الاختصار، وأشعارا ذكرها لم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرفها، وأشياء بعضها يشنع الحديث به، وبعض يسوء بعض الناس ذكره، وبعض لم يقر لنا البكائى بروايته. ومستقص- ان شاء الله تعالى- ما سوى ذلك منه بمبلغ الرواية له، والعلم به» «٢» .

فبعض ما يورده المستشرقون مما لا يعجب القارئ المسلم هو فى الواقع منقول من المصادر الاسلامية دون اخضاعها للنقد وتقويم النص.

وما الى ذلك مما انتهى اليه منهج البحث التاريخى الحديث. فاخضاع كتب التراث للتقويم ليس بالضرورة تجريحا لها وانما هو محاولة لفهمها.

نقول هذا لأن ما أورده وات Watt عن حكاية الغرانيق أو الايات الشيطانية التى قيل ان الشيطان قذفها فى صدر رسول الله صلّى الله عليه وسلم واردة بنصها وتفاصيلها فى كتاب الطبرى، وهى حكاية مرفوضة عقلا. رغم أن وات أورد بعض الايات القرانية وحاول تفسيرها بما يفيد اثبات حكاية


(١) الطبرى، طبعة دار الكتب العلمية، ج ١، ص ١٣.
(٢) ابن هشام، مكتبة الايمان، ج ١، ص ١٠.

<<  <   >  >>