فى سنة ١٥ هـ، طور الخليفة عمر بن الخطاب نظاما يتلقى المسلمون بمقتضاه أعطيات سنوية من الخزانة العامة للدولة (بيت المال) مقابل خدماتهم فى الحرب والادارة. وكانت هذه الاعطيات تختلف وفقا للأسبقية الى الاسلام فالأسبق يتقاضى مبلغا أكبر من المبلغ الذى يتقاضاه من أسلم بعده، وفى هذا النظام الجديد الذى اعتمد سنة ١٥ هـ كانت أعلى طبقة بعد زوجات الرسول (صلّى الله عليه وسلم) وعشيرته هى طبقة البدريين (الذين شاركوا كمسلمين فى غزوة بدر مع الرسول صلّى الله عليه وسلم) لكن يبدو من المحتمل أنه فى وقت سابق كانت الطبقة العليا هى التى تمثل المهاجرين.
وبالرجوع للمناقشات التى دارت حول هذا الموضوع، يتضح أنه من المؤكد أن قيام المسلم بالهجرة الى الحبشة أو الهجرة الى المدينة أو كلتيهما كان مدعاة لشرف خاص؛ اذ كان يرفع قدر القائم بالهجرة الى الدرجات العلا فى سلك النبالة الجديد. (وفقا للمعابير الجديدة للنبالة بعد الاسلام) .
وهذه المناقشات تكاد تكون موضوعة فى زمن لاحق مادامت قد فقدت معظم عناصرها بعد الاصلاح الذى أنجزه عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) ، فما حدث بالفعل يمكن اعادة بنائه على النحو التالى (أو يمكن أن نتصور ما جرت عليه الأمور كالتالى) :
فى عام ٧ هـ، أراد محمد (صلّى الله عليه وسلم) على نحو خاص أن يدعم وضعه بالحصول على تأييد المجموعة الصغيرة التى ما زالت فى الحبشة فأرسل اليهم رسولا ليؤكد لهم ترحيبه الحار وليرافقهم فى العودة، فعادوا معه أو على الأقل عاد بعضهم فتلقاهم الرسول بقبول حسن وأشركهم فى غنائم خيبر التى كان محمد (صلّى الله عليه وسلم) قد فتحها لتوه. ربما منذ ذلك الوقت أطلق لفظ (الهجرة) على الذين ذهبوا للحبشة وبالتالى أصبحوا (مهاجرين) ، وكان هذا بدعم من محمد (صلّى الله عليه وسلم) نفسه كمبرر لمعاملته الكريمة جدا لجعفر وجماعته، فكان لا بد من هذا المبرر لتعليل مساواتهم بالمهاجرين الى المدينة المنورة. ولسوء الحظ، فان هذا جعل من الممكن لبعض من قضى فى الحبشة فترة قصيرة ثم هاجر من مكة الى المدينة أن يطالب لنفسه بحق فى هجرتين. وقد تجنب محمد (صلّى الله عليه وسلم) ذلك بتوسيع مفهوم الهجرة بأن قال ما يفيد أنهم هاجروا مرة الى الحبشة وهاجروا من