للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤكد ذلك. وحتى اذا كان بعض هذه القصيدة قد جرى تلفيقه بعد ذلك، فان كثيرا منها لا بد أن يكون شخص ما ذو خبرة بأمور مكة فى هذه الفترة هو الذى نظمها، وربما كانت من نظم أبى طالب بالفعل. وبعض الأسماء المذكورة لم تدرج- عادة- فى قوائم أعداء محمد صلّى الله عليه وسلم. وما هو أكثر أهمية أن الذين تعرضوا للوم لأنهم أصبحوا أعداء لبنى هاشم كانوا جميعا من عشائر حلف الفضول، وهم- اذا قبلنا رواية ابن اسحاق: من عبد شمس، أسيد وابنه، وأبو سفيان وأبو الوليد وعتبة. ومن تيم، عثمان بن عبيد الله وقنفذ بن عمير بن جدعان. ومن زهرة، أبى أو الأخنس ابن شريق والأسود بن عبد يغوث. ومن الحارث بن فهر، سبيع. ومن أسد، نوفل بن خويلد. ومن نوفل، أبو عمرو ومطعم. وأكثر من هذا فان هؤلاء الرجال قد تعرضوا للوم لتحالفهم مع أعدائهم القدامى: الغياطل أو بنو سهم، وبنو خلف أو بنو جمح ومخزوم.

ومع تكوين هذا الحلف الكبير، ظهرت حركة مقاطعة هاشم والمطلب التى قضت ألا تتعامل هذه العشائر المتحالفة مع هاشم والمطلب ولا يتزوجوا منهم ولا يزوجوهم. وظهر أن هذه المقاطعة قد استمرت لأكثر من عامين، مع أنها ربما لم تكن صارمة بما فيه الكفاية طالما أن كثيرين من العشائر المقاطعة (بكسر الطاء) كانوا مصاهرين بالفعل لبنى هاشم. واذا كانت هاشم قادرة على مواصلة ارسال قوافلها للشام فمن المحتمل أنها لم تتأثر كثيرا جدا بهذه المقاطعة، وعلى أية حال، لا تذكر لنا تذمرا أو شكوى بهذا الخصوص (أى بخصوص قوافل هاشم الى الشام) والمسار العام للروايات يشير الى أن بسط الحماية على محمد صلّى الله عليه وسلم لم يكن هو السبب الوحيد للنزاع (المقاطعة) .

ووفقا لرواية ابن اسحق «٤٦» عن نهاية المقاطعة، فان البادىء بهذا العمل (انهاء المقاطعة) هو هشام بن عمرو وأيده فى ذلك زهير بن أبى أمية (من مخزوم) والمطعم بن عدى (من نوفل) وأبو البخترى وزمعة ابن الأسود (وكلاهما من أسد) . وعلى أية حال، فعند اجتماع قريش كان


(٤٦) ابن هشام، ٢٤٧- ٢٤٩.

<<  <   >  >>