يفترض أنه كان المحرك لبعض طبقات المعارضة، خاصة الزعماء كبار السن الذين لم يكونوا ينظرون لمحمد صلّى الله عليه وسلم كمنافس شخصى لهم كالوليد بن المغيرة. ولم يكن لدى معارضى محمد صلّى الله عليه وسلم دفاع نظرى يقدمونه عن الوثنية، فالمسألة لا تعدو كراهية التغيير الذى ربما اعتبروه عملا غير أخلاقى رغم أن الالهة أو الأرباب (الأوثان) لا تهمهم الا قليلا.
وهناك سبب اخر للمعارضة بالاضافة لمهاجمة الأوثان، وهو التأكيد على أن اباءهم وأجدادهم الوثنيين خالدون فى جهنم فالولاء للاباء والأجداد مرتبط ارتباطا وثيقا بما تركوه من تراث.
وبينما كان بعض المعارضين لمحمد صلّى الله عليه وسلم ينطلقون من منطلق فردى عميق، فان الأكثر محافظة منهم ربما احتفظوا بولاء من نوع خاص للجماعة.
وعلى هذا فانهم رأوا فى اتجاه الاسلام نحو ايجاد فصل حاد فى الأسرة أو العشيرة (المقصود فصل بين الأجداد أو الاباء الوثنيين، والأبناء المسلمين) دليلا على أن الابتعاد عن نهج الاباء والأجداد سيؤدى الى عواقب وخيمة، وربما بدا لهم أن هذا التغيير سيمس البناء الاجتماعى كله. والحقيقة، أن الاسلام- بمعنى أو اخر- كان يفعل ذلك حقا.
وعلى هذا، فان الأرضية التى انطلقت منها المعارضة للاسلام كانت- بالاضافة للخوف من تعرض المصالح الشخصية للخطر- خوفا من المضامين السياسية والاقتصادية للاسلام، بالاضافة الى ميل خالص للاتجاه المحافظ (عدم الرغبة فى التغيير) . ان الوضع الذى واجه محمدا صلّى الله عليه وسلم كان بمثابة توعك (بداية حالة مرضية) لها أعراضها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعقلية. وكانت رسالته فى جوهرها دينية حاولت علاج الجوانب الدينية فى هذا المجتمع المريض دينيا، لكنه تعرض بالضرورة لجوانب أخرى غير دينية، وبالتالى كان للمعارضة أيضا أوجهها الكثيرة.