واذا كانت التحالفات العشائرية تعطى مظهر (الأمن) ، فان شبكة التحالفات المالية الحديدية تفعل الشىء نفسه لكن بشكل أقسى، ولم يمنع الاسلام الجد والعمل والسعى لتحصيل المال، لكنه وضع مؤسسة الزكاة والصدقات، وحدد لالتزامات المسلم دوائر تتسع شيئا فشيئا، فحقق الأمن من الجذور ومن الأعماق، لا مجرد مظهر سطحى.
ومن مزايا (وات) أنه يفكر بصوت مسموع ويشركك معه فى منهجه. لقد تساءل: هل معنى هذا أن الاسلام هو حركة المستضعفين ضد الأثرياء وذوى النفوذ؟ ولم يجب الرجل اجابة عشوائية، وانما أعد قائمة بأوائل المسلمين، وراح يدرسهم فردا فردا من حيث عشائرهم ومدى قوتها، ومن حيث أوضاعهم المالية ومدى رسوخها، ليعرف ان كانوا كلهم «مستضعفين Weak «أم لا، ورجع فى هذا لأوثق المصادر الاسلامية، فوجد أن عددا كبيرا منهم كانوا من عشائر قوية وكانوا من أصحاب الأموال الكثيرة، وتركوا عن العشيرة وسطوة المال ودخلوا الاسلام. ويخلص وات من ذلك الى أن الاسلام دين للأغنياء والفقراء على سواء، دين للأفراد وللعشائر على سواء. انه على حد تعبير وات دين بكل معنى وبكل ما تحمله كلمة الدين من معان ومضامين، وانه فى جانب منه أعاد مفهوم (الكرم) بمعناه النقى الخالص، وأعاد مفاهيم المروءة أو المروة بجوانبها الايجابية، ويرى وات أن فكرة وكالة صاحب رأس المال فى ماله Stewardship وهى فكرة أوربية مؤداها أن الأثرياء لابد أن يكونوا بشكل أو باخر وكلاء Stewards فى أموالهم وليسوا مالكين لها ملكية مطلقة، وانما لابد أن يحققوا بها سعادة الاخرين- بقدر ما، ومبدأ الوكالة الغربى هذا قائم على أساس أن المجتمع شارك هذا الثرى بشكل أو باخر فى تحقيق هذه الثروة، فلولا الأمن الذى فرضه المجتمع ما حقق هذه الثروة، ومن اشترى منه، ومن باع له ... الخ كل هذا فى ظل المجتمع.. لكن وات يقول لنا ان فكرة الوكالة هذه ليست فكرة أوربية وانما هى من بين جملة أفكار أحياها الاسلام أو ردها الى أصلها العربى السليم (الفصل الثالث) . لاحظ أن وات ليس شيوعيا فليس كل من نظر منظورا اقتصاديا يوصف بهذه الصفة البشعة، ويستشهد