للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيرة ابن اسحق (ت ٧٦٨ م/ ١٥١ هـ) . كما أن هناك من سبق ابن اسحق، الا أن اسهامه فى كتابة سيرة محمد (عليه الصلاة والسلام) هو الأكثر أهمية وتأثيرا. وقد جمع ابن اسحق كل المعلومات التى كانت متاحة تقريبا بما فيها الشعر القديم، ثم رتب مادته واختار منها ما جعله يكتب قصة مترابطة. وكثيرا ما كان يشير الى مصادره بالطريقة الاسلامية المعتادة*. وقد أضاف ابن هشام بعض الملحوظات التفسيرية، ووجدت بعض الفقرات المفقودة فى طبعته فى أماكن أخرى، ولكن لا نستطيع أن نجزم بما اذا كان هو المسئول عن هذا الحذف.

ولقد اعتمد الطبرى أيضا على ابن اسحق ولكن ليس بقدر ما اعتمد عليه ابن هشام، وترجع أهمية الطبرى الى أنه لم يحاول صياغة الأحداث فى قصة مسلسلة، وانما يذكر جميع أوجه الخلاف. فكان لديه عدد كبير من النصوص المستقلة التى تناولت أول من أسلم من الرجال، فذكر بعضها انه على بن أبى طالب، وقال اخرون انه زيد بن حارثة وقال بعضهم انه أبو بكر، أما ابن اسحق فقد ذكر وجهة نظر واحدة فقط مؤداها أن عليا بن أبى طالب هو أول من أسلم. وقد كان ضمن مراجع الطبرى رجل من الأوائل هو عروة بن الزبير (ت ٧١٢ م/ ٩٤ هـ) ، وقد ترك عروة مادة مكتوبة أوردها الطبرى ولم ترو فى أى مصدر اخر.

وتعتبر مغازى الواقدى مجالا قيما للمقارنة مع ابن اسحق، لأن كلا منهما اعتمد على سلاسل اسناد مستقلة عن تلك التى اعتمد عليها الاخر، كما أن سلاسل اسناد الواقدى أتم وان كانت تتناول الفترة المدنية فقط. ويعطى كاتبه ابن سعد روايات مختلفة فى عناصر كثيرة، وان كانت مادته- رغم كثرتها- ذات قيمة تاريخية قليلة، ونادرا ما يكون ابن سعد هو المصدر الوحيد فى موضوع ذى أهمية، ومع هذا، تعتبر سبر الصحابة التى كتبها ثروة من المعلومات النافعة عن خلفية حياة محمد (عليه الصلاة والسلام) .


* يقصد الاسناد (المترجم) .

<<  <   >  >>