للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى ٥٦٥ م، حريصا على استعادة الممتلكات الرومانية فى الغرب، لهذا اتبع سياسة التهدئة مع فارس الى درجة الموافقة على دفع جزيه سنوية للفرس لضمان السلام. كما أسند الى أمير الغساسنة شبه المستقل والذى تقع امارته على حدود الشام منصبا رسميا فى الامبراطورية وعهد اليه بمهمة حفظ النظام بين قبائل البدو العربية التى تعيش على الحدود ونشر النفوذ الرومانى (البيزنطى) بقدر الامكان، كذلك شجع جوستنيان على استخدام المسيحية كعامل يساعد على الواحدة والدخول فى طاعة الامبراطورية الرومانية، واستطاع أن يصل الى نوع من التفاهم مع الحبشة. ويروى ابن اسحق كيف استطاع رجل يدعى دوس ذا ثعلبان الهرب من ذى نواس فى الأحداث الدموية التى حدثت فى مملكة جنوب شبه الجزيرة* وذهب الى قيصر يستنجد به. وبدلا من مساعدته بشكل مباشر أرسل معه كتابا الى ملك الحبشة.

وربما كان هذا الخبر صحيحا بصورة أو أخرى، ولكن على أقل تقدير يبين كيف فهم العرب العلاقة بين البيزنطيين والحبشة، ولا شك أن جوستنيان قد وافق على غزو الحبشة لليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية حوالى ٥٢٥ م، وبالرغم من أنه كان أرثوذكسيا، الا أنه فضل وجود مذهب الطبيعة الواحدة للمسيح هناك على كل من اليهودية أو النسطورية، وكل منهما له صلات بالفرس «١» .

بعد وفاة جوستنيان، تغيرت العلاقات بين الامبراطوريتين ودخل صراعهما القديم فى مرحلته النهائية، قفى عام ٥٧٠ أو ٥٧٥ طرد الفرس الحبشيين من شبه الجزيرة العربية وأقاموا الادارة المفضلة لديهم، وان لم تكن تحت السيطرة التامة لفارس، وحاول الفرس توجيه التجارة البرية من اليمن الى فارس بمساعدة أمراء اللخميين فى الحيرة (الذين كانوا يقومون بدور بالنسبة لفارس يشبه دور الغساسنة بالنسبة للبيزنطيين) .

وكانت حرب الفجار ومعركة ذى قار بسبب القوافل التى كانت تنقل


* وهى حادثة الأخدود التى ذكرها الله عز وجل فى سورة البروج- (المترجم) .
(١) انظر A.Vasiliev ,Justin the first ,Cambridge (U.S.A.) ١٩٥٠ ٢٨٣ -٢٩٩.:

<<  <   >  >>