للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علاقاته بالعراق. وربما أخذت عشيرة مخزوم أيضا نصيبا من تجارة جنوب شبه الجزيرة العربية، أو على الأقل كانت لهم اهتمامات بها فيما بعد، ولكن لا شك فى أن العلاقات مع الحبشة قد تدهورت فيما بعد نظرا لأن أبرهة نائب الملك قاد حملة ضد مكة كان غرضها الظاهرى هو تدمير الكعبة كى يحج العرب الى كنيسته التى بناها فى الجنوب، ويمكننا أن نخمن أن الاهتمامات التجارية قد اختلطت بالاهتمامات الدينية، اذ ربما فزع أبرهة من النجاح التجارى المتزايد لأهل مكة، الذين يفترض أنهم كانوا يحققون أرباحا لا بأس بها كوسطاء حتى بين الحبشة والبدو.

وقد تحقق أبرهة من الدور الهام الذى تلعبه المنطقة المقدسة حول مكة فيما يمكننا أن نسميه «النظام المكى» . وربما كان هناك أيضا كنز فى الكعبة أو حولها، فاذا أريد الانقاض من قوة مكة وثروتها، فانه يجب تدمير الحرم المكى ووضع حرم اخر مكانه كمركز لتجارة التجزئة لعرب الصحراء.

ذكر ابن اسحق كيف تفاوض عبد المطلب مع أبرهة، وبينما نرى أن بعض ملامح هذه القصة (مثل قوله ان عبد المطلب كان كبير قريش وسيدها) هى بلا شك لتعظيم بنى هاشم، الا أنه ربما كانت حادثة المفاوضة صحيحة ولكن يجب أن تفسر على أنها حركة جماعية من مجموعة صغيرة من قريش (مع قبيلتى بنى الديل وهذيل) وقف فيها الجزء الرئيسى الذى من قريش موقفا متحفظا، فاذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن عبد المطلب كان يحاول الاستعانة بالأحباش ضد خصومه من قريش مثل بنى شمس ونوفل ومخزوم*.

وكان من الواضح أن بنى عبد شمس ونوفل قد وضعا أيديهما على معظم التجارة مع الشام واليمن التى كانت قبل ذلك فى أيدى بنى هاشم والمطلب، وعلى هذا فان العشائر الأكثر ثروة كانت ترغب فى سياسة


* قال ابن كثير فى البداية والنهاية (دار الغد العربى الجزء ١، الصفحة ٥٨٣) : قال ابن اسحق: ويقال انه كان قد دخل مع عبد المطلب على أبرهة يعمر بن نفاثة بن عدى بن الديل سيد بنى بكر وخويلد بن دائلة سيد هذيل فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم ذلك فالله أعلم أكان ذلك أم لا، انتهى كلام ابن كثير.

<<  <   >  >>