للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم رداه كما كان، فرجعنا به معنا. فقال أبوه: يا حليمة، لقد خشيت أن يكون ابنى قد أصيب فانطلقى بنا نرده الى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف منه، فاحتملنا فقدمنا به على أمه، فقالت ما رد كما به يا ظئر*؟

فقد كنتما عليه حريصين، قلت: ان الله قد أدى عنا وقضينا الذى علينا وقلنا نخشى الاتلاف والأحداث، نرده الى أهله، فقالت: ما ذاك بكما فاصدقانى شأنكما، فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره، فقالت: أخشيتما عليه الشيطان؟ كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، والله انه لكائن لابنى هذا شأن، ألا أخبر كما خبره؟ قلنا بلى. قال حملت به فما حملت** حملا قط أخف منه، فأريت فى النوم حين حملت به كأنه خرج منى نور أضاءت له قصور بصرى فى الشام، ثم وقع معتمدا على يديه رافعا رأسه الى السماء، فاتركاه عنكما، وصاحبتكما السلامة الى بلادكما***.

وقال ابن اسحق: حدثنى ثور بن يزيد عن أحد العلماء لا أظنه أحدا غير خالد بن معدان الخلاعى أن بعضا من أصحاب رسول الله (عليه الصلاة والسلام) قالوا له: أخبرنا عن نفسك قال نعم، أنا دعوة أبى ابراهيم وبشرى عيسى عليهما السلام «٥» ، ورأت أمى حين حملت بى أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام واسترضعت فى بنى سعد بن بكر، فبينما أنا فى بهم لنا خلف خيامنا أتانى رجلان عليهما ثياب بيض معهما طست من ذهب مملوءة ثلجا، فأضجعانى فشقا بطنى ثم استخرجا قلبى


* أى يا مرضع.
** أى فما حملت امرأة حملا قط أخف منه، فحذفت كلمة امرأة جريا على عادة العرب فى فصاحتهم حيث يحذفون الكلمة المفهومة ضمنا فانه من المعروف والثابت فى جميع كتب السيرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليس له اخوة لا أشقاء ولا من الأم، وأن كلا من أبيه وأمه كان بكرا حين تزوجا، وعلى هذا لا يمكن أن تكون التاء هنا للمتكلم وانما للغائب- (المترجم) .
*** رواية ابن اسحق كما ذكرها ابن كثير فى البداية والنهاية مع اثبات الزيادات التى رواها المؤلف ولم ترد فى رواية ابن كثير. وهناك اختلافات بسيطة بين رواية ابن كثير ورواية المؤرخين الاسلاميين الاخرين- (المترجم) .
(٥) انظر سورة البقرة، ١٢٩ وما بعدها.

<<  <   >  >>