للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخرجا منه علقة سوداء فألقياها، ثم غسلا قلبى وبطنى بذلك الثلج حتى اذا أنقياه رداه كما كان، ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته، فوزننى بعشرة فوزنتهم*، ثم قال: زنه بمئة من أمته، فوزننى بمائة فوزنتهم، ثم قال: زنه بألف من أمته، فوزننى بألف فوزنتهم، فقال:

دعه عنك، فلو وزنته بأمته لوزنهم «٦» **.

قال ابن اسحق: ثم ان أبا طالب خرج فى ركب تاجرا الى الشام.

فلما تهيأ للرحيل وأجمع المسير صب*** به رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) فيما يزعمون، فرق له أبو طالب وقال: والله لاخرجن به معى ولا أفارقه ولا يفارقنى أبدا، أو كما قال، فخرج به معه، فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام**** وبها راهب يقال له بحيرى فى صومعة له، وكان اليه علم أهل النصرانية، ولم يزل فى تلك الصومعة منذ قط راهبا*****، اليه يصير علمهم عن كتاب فيها، فيما يزعمون، يتوارثونه كابرا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى، وكانوا كثيرا ما يمرون به فلا يكلمهم ولا يعرض لهم، حتى كان ذلك العام، فلما نزلوا قريبا من صومعته، صنع لهم طعاما كثيرا، وذلك، فيما يزعمون، عن شىء راه وهو فى صومعته، يزعمون أنه رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى الركب حين أقبل وغمامة تظلله من بين القوم، ثم أقبلوا فنزلوا فى ظل شجرة قريبا منه، فنظر الى الغمامة حين أظلت الشجرة، وانهصرت****** أغصان الشجرة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها، فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته وقد أمر بطعام فصنع، ثم أرسل اليهم فقال: انى صنعت لكم طعاما يا معشر قريش، فأنا أحب أن تحضروا كلكم، كبيركم وصغيركم وعبدكم وحركم، فقال له رجل منهم: والله يا بحيرى ان لك لشأنا اليوم، ما كنت


* أى كان وزنى اثقل منهم- (المترجم) .
** قال ابن كثير: وهذا اسناد جيد قوى- (المترجم) .
(٦) ابن هشام، ١٠٣- ١٠٦.
***) أى تعلق به وأظهر الشوق- (المترجم) .
**** وهى غير البصرة التى فى العراق- (المترجم) .
***** أى منذ زمن بعيد- (المترجم) .
****** أى اندفعت ومالت- (المترجم) .

<<  <   >  >>