- ومنها: التّقرّب إليه صلّى الله عليه وسلّم، واستجلاب محبّته ورضاه بذكر أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة، كما يتقرّب الشّاعر إلى الكريم بذكر أوصافه الجميلة، وخصاله النّبيلة.
ولا شكّ أنّ جمع ...
وهو ضرب من الوصال به صلّى الله عليه وسلم، ووجه من وجوه القرب منه صلّى الله عليه وسلم والاجتماع به؛ لما فيه من إمتاع حاسّة السمع واللسان بأوصاف المحبوب الذي هو وسيلة إلى حضوره بالقلب، فإذا فات النظر إليه بالبصر؛ لم يفت التمتّع به بالسمع والنظر إليه بالبصيرة. كما قال بعضهم:
يا واردا من أهيل الحيّ يخبرني ... عن جيرتي شنّف الأسماع بالخبر
ناشدتك الله يا راوي حديثهم ... حدّث فقد ناب سمعي اليوم عن بصري
وقال بعضهم في مدح الشمائل مشيرا إلى المعنى:
أخلّاي إن شطّ الحبيب وربعه ... وعزّ تلاقيه وناءت منازله
وفاتكم أن تنظروه بعينكم ... فما فاتكم بالسّمع هذي شمائله
وقال بعضهم في المعنى:
يا عين إن بعد الحبيب وداره ... ونأت مرابعه وشطّ مزاره
فلقد ظفرت من الحبيب بطائل ... إن لّم تريه فهذه آثاره
(ومنها التّقرّب إليه) ؛ أي: طلب القرب منه (صلّى الله عليه وسلم، واستجلاب) أي:
طلب جلب (محبّته ورضاه) ؛ بأن يكون جامع الشمائل محبوبا عنده صلّى الله عليه وسلم، وراضيا عنه؛ بسبب خدمة جنابه صلّى الله عليه وسلم، وتعظيم قدره والثناء عليه (بذكر أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة) ، وفي ذلك تعلّق به وتودّد، واستعطاف وانتساب، وتعرّض لنفحات فضل الممدوح، واستمطار لسحائب إحسانه، واستنزال لغزير برّه وامتنانه، وتقرّب إليه بفتح أبواب خزائن ما يأتي من قبله، (كما يتقرّب الشّاعر إلى) الممدوح (الكريم بذكر أوصافه الجميلة) الحسنة، (وخصاله النّبيلة) العظيمة، لأنّ الكرام إذا مدحوا أجزلوا المواهب والعطايا، (ولا شكّ أنّ جمع