[الفصل الرّابع في صفة حيائه صلّى الله عليه وسلم ومزاحه]
الفصل الرّابع في صفة حيائه صلّى الله عليه وسلم ومزاحه (الفصل الرّابع) من الباب الخامس (في) بيان ما ورد في (صفة حيائه صلّى الله عليه وسلم) والحياء- هنا- بالمدّ، وأمّا بالقصر!! فهو بمعنى المطر، وكلاهما مأخوذ من الحياة، لأنّ أحدهما فيه حياة الأرض، والآخر فيه حياة القلب.
والممدود معناه- في اللغة-: تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به، أو يعاتب عليه.
ومعناه- في الشرع-: خلق يبعث؛ أي: يحمل من قام به على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حقّ ذي الحقّ؛ وهو الله تعالى في حقّ عباده، والصديق في حقّ صديقه، والسيّد في حقّ عبده ... إلى غير ذلك.
ولذا جاء في الحديث:«الحياء من الإيمان» ، و:«الحياء خير كلّه» ، و:«الحياء لا يأتي إلّا بخير» . وعلى حسب حياة القلب تكون فيه قوّة خلق الحياء، وقلّة الحياء من موت القلب والروح، وكلّما كان القلب حيّا؛ كان الحياء أتمّ، ولذا كان تمام الحياء في المصطفى صلّى الله عليه وسلم، إذ لا قلب أحيا من قلبه؛ قاله الزرقاني على «المواهب» للعلّامة القسطلّاني.
وقال في «المواهب» أيضا: وللحياء أقسام ثمانية يطول استقصاؤها؛
منها: حياء الكرم؛ كحيائه صلّى الله عليه وسلم من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب؛ وطوّلوا عنده المقام، واستحيا أن يقول لهم «انصرفوا» .
ومنها حياء المحبّ من محبوبه؛ حتّى إذا خطر على قلبه في حال غيبته هاج الحياء من قلبه وأحسّ به في وجهه، فلا يدري ما سببه!.