وبه نستعين على أمور الدنيا والدين الحمد لله الّذي جعل حظّنا «١» نبيّه وحبيبه؛ سيدنا محمّدا الذي أدّبه فأحسن تأديبه، وزكّى أوصافه وأخلافه ووفّر نصيبه، ووفّق للاقتداء به من أراد تهذيبه، وحرم عن التخلّق بأخلاقه من أراد تخييبه، صلوات الله تعالى عليه وسلامه، وتحيّاته وبركاته وإكرامه، وعلى آله أجمعين، وأصحابه والتابعين، ما ذكرت محاسنه وفضائله وسرّت السامعين؛ صلاة دائمة على تعاقب الأوقات والسنين.
أمّا بعد؛ فيقول الفقير إلى رحمة العظيم الباري؛ عبد الله بن سعيد محمد عبادي اللحجي الحضرمي الشحاري، غفر الله ذنوبه، وستر بفضله عيوبه:
إنّه يتعيّن على كلّ مؤمن أن يثابر على ما يتقرّب به إلى مولاه، ويبادر إلى اتّباع أوامره في سرّه ونجواه، ويقتفي في سيره آثار نبيّه المصطفى، ويقتدي به في أخلاقه التي تكسبه في الدارين شرفا، إذ هو الميزان الراجح الذي بأقواله وأعماله وأخلاقه توزن الأخلاق والأعمال والأقوال، وبمتابعته والاقتداء به يتميّز أهل الهدى من أهل الضلال، وهو قطب السعادة التي مدارها عليه، وباب الطريق التي جعلها سبحانه موصلة إليه، فلا نجاة لأحد إلّا به، ولا فلاح له في الدارين إلّا بالتعلّق بسببه، والوصول إلى الله سبحانه وإلى رضوانه بدونه محال، وطلب الهدى من غير طريقه عين الخسران والوبال.
وأنت باب الله أيّ امرىء ... أتاه من غيرك لا يدخل
لذلك كان أولى ما صرفت إليه العناية، وجرى المتسابقون في ميدانه إلى أفضل غاية؛ فنّ الشمائل المحمّدية؛ المشتمل على صفاته السنية، ونعوته البهيّة، وأخلاقه الزكيّة، التي هي وسيلة إلى امتلاء القلب بتعظيمه ومحبّته، وذلك سبب
(١) يشير به إلى ما رواه الإمام أحمد في «مسنده» : «أنا حظّكم من النبيين وأنتم حظّي من الأمم ... الخ» . انتهى.