للاختصار ولا سيما فيما أوّله: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم متّصفا بكذا؛ أو يفعل كذا. فإنه جعل ذلك أوّل الكلام وحذف اسم راوي الحديث، ومخرّجه؛ اعتمادا على ما ذكره في الخطبة من الكتب التي نقل الأحاديث منها، فيلزم حذف قوله «تابعا في جميع ذلك الأصول المذكورة» ؛ نبّه عليه المصنف رحمه الله تعالى نفسه في طرّة بعض مؤلفاته.
(وقد رتّبته) أي: الكتاب؛ أي المقصود منه بالذات، فلا ينافي أنّ الخطبة مقصودة. والترتيب- لغة-: جعل كلّ شيء في مرتبته، وعرفا-: جعل الأشياء الكثيرة بحيث يطلق عليها اسم الواحد، ويكون لبعض أجزائه نسبة إلى بعضها بالتقدّم والتأخر. والمراد ألّفته مرّتبا حال كونه مشتملا (على مقدّمة) : ما يذكر قبل الشروع في المقاصد، وهي بكسر الدال وفتحها، فإن كسرتها؛- وعليه اقتصر السعد في «شرحي التلخيص» - فإمّا من «قدّم» اللازم مثقّلا- من باب التفعيل- بمعنى «تقدّم» ، ومنه قوله تعالى (لا تُقَدِّمُوا)[الحجرات/ ١] !!، أي: لا تتقدموا.
وإمّا من «قدّم» المتعدي مثقّلا أيضا، والمفعول هو نفسها، لأنها اشتملت على أمور تقتضي تقديمها، أو المفعول هو قارئها وعارفها. وإن فتحت الدّال؛ فهي اسم مفعول من «قدّم» المتعدي مثقّلا أيضا. لكن الكسر أحسن؛ لإشعاره بأن التقديم لها ذاتيّ؛ لا جعلي، ولأجل هذا- والله أعلم- اقتصر عليه السعد. وصرّح الجلال المحلي في شرح «جمع الجوامع» بأن فتح الدال فيها قليل.
واعلم أنّ المقدمة؛ إمّا مقدمة علم، وإما مقدّمة كتاب.
فمقدمة الكتاب تطلق على طائفة من كلامه؛ قدّمت أمام المقصود لارتباط بها وانتفاع بها فيه.
ومقدمة العلم تطلق على أمور يتوقّف الشروع في العلم بالبصيرة على معرفتها، كحدّه، وموضوعه، وغايته؛ كما أفاده السعد في «المطوّل» و «المختصر» .
فمقدمة الكتاب: اسم للألفاظ المخصوصة الدالّة على المعاني المخصوصة،