[الفصل السّادس في صفة كرمه صلّى الله عليه وسلّم وشجاعته]
الفصل السّادس في صفة كرمه صلّى الله عليه وسلّم وشجاعته (الفصل السّادس) من الباب الخامس (في) بيان ما ورد في (صفة كرمه) - بفتحتين- (صلى الله عليه وسلم) .
اعلم أنّ الجود والكرم والسخاء معانيها متقاربة، وبعضهم جعل بينها فرقا؛ فقال: الكرم- بفتحتين-: الإنفاق بطيب نفس فيما يعظم خطره.
وفي «القاموس» : الكرم- محرّكة-: ضدّ اللؤم، كرم- بضمّ الراء- كرامة وكرما؛ فهو كريم. وفي «القاموس» أيضا: اللؤم: ضدّ الكرم. انتهى
والسخاء: صفة غريزية؛ وهي سهولة الإنفاق وتجنّب اكتساب ما لا يحمد من الصنائع المذمومة؛ كالحجامة، وأكل ما لا يحلّ؛ مأخوذ من الأرض السّخاوية وهي الرّخوة اللينة، ولذا وصف الله تعالى ب «جواد» دون «سخي» ، لأنه أوسع في معنى العطاء، وأدخل في صفة العلا. فعلى هذا هو أخصّ، وفي مقابلة السخاء: الشحّ، وهو أشدّ البخل. والشحّ من لوازم صفة النفس، قال الله تعالى وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ- أي: حرصها على المال- فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)[الحشر] فحكم بالفلاح لمن وقي الشحّ، وحكم بالفلاح لمن أنفق وبذل؛ فقال وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)[٣- ٥/ البقرة]
والفلاح أجمع اسم لسعادة الدارين، وليس الشحّ من الآدمي بعجيب، لأنّه جبلّي فيه، وإنما العجب وجود السخاء في الغريزة.
والسخاء أتمّ وأكمل من الجود؛ بناء على تغايرهما. والأصحّ أن السخاء أدنى