[الفصل الرّابع في صفة فاكهته صلّى الله عليه وسلّم]
الفصل الرّابع في صفة فاكهته صلّى الله عليه وسلّم (الفصل الرّابع) من الباب الرّابع (في) بيان الأخبار الواردة في (صفة فاكهته صلّى الله عليه وسلم) والفاكهة: ما يتفكّه، أي: يتنعّم ويتلذّذ بأكله رطبا كان؛ أو يابسا كتين وبطيخ وزبيب ورطب ورمان، ومنه الفكاهة- بالضّمّ- للمزاح؛ لانبساط النّفس، وتفكّه بالشّيء: تمتّع به. وتفكّه: أكل الفاكهة، وقوله تعالى فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)[الرحمن] .
قال أهل اللّغة: إنّما خصّ ذلك بالذّكر!! لأنّ العرب تذكر الأشياء مجملة، ثمّ تخص منها شيئا بالتّسمية؛ تنبيها على فضل فيه، ومنه قوله تعالى وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [٧/ الأحزاب] وكذلك مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ [٩٨/ البقرة] . فكما أنّ إخراج محمّد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى من النّبيين، وإخراج جبريل وميكائيل من الملائكة ممتنع؛ كذلك إخراج النّخل والرّمّان من الفاكهة ممتنع.
قال الأزهري: ولا أعلم أحدا من العرب قال: النّخل والرّمّان ليسا من الفاكهة» ، ومن قال ذلك من الفقهاء!! فلجهله بلغة العرب وبتأويل القرآن «١» .
وكما يجوز ذكر الخاص بعد العام للتّفضيل؛ كذلك يجوز ذكر الخاصّ قبل
(١) وحجّة من قال من الفقهاء أنّ الرّمان والتمر ليسا من الفاكهة؛ هو العطف، ولأن التمر فاكهة وغذاء، والرّمان فاكهة ودواء، فلم يخلصا لتفكّه، وعلى هذا القول بعض الفقهاء، وأما عامة المفسرين وأهل اللّغة فعلى أنّ التمر والرّمان من جملة الفواكه، وإنما فصلهما بالذكر: للتخصيص والتفضيل. كقوله تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ [٩٨/ البقرة] .