للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعطيته الثّمن، فلمّا كان قبل محلّ الأجل بيومين أو ثلاثة.. أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه [على عنقه] ، ونظرت إليه بوجه غليظ، ثمّ قلت: ألا تقضيني يا محمّد حقّي؟! [فو الله] إنّكم يا بني عبد المطّلب مطل. فقال عمر: أي عدوّ الله؛ أتقول لرسول الله ما أسمع، فو الله لولا ما أحاذر [فوته] .. لضربت بسيفي رأسك. ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينظر إلى عمر بسكون وتؤدة، وتبسّم.

إسلامه ثمانين مثقالا ذهبا، في تمر معلوم إلى أجل معلوم. (فأعطيته الثّمن، فلمّا كان قبل محلّ) - بكسر الحاء- أي: وقت (الأجل بيومين أو ثلاثة) - وفي رواية أبي نعيم: بيوم أو يومين- (أتيته فأخذت بمجامع) جمع مجمع؛ كمقعد ومنزل:

موضع الاجتماع- كما في «القاموس» وغيره- أي: بما اجتمع من (قميصه وردائه [على عنقه] ، ونظرت إليه بوجه غليظ) أي: عابس مقطّب (ثمّ قلت: ألا تقضيني يا محمّد؛ حقّي!! [فو الله] إنّكم يا بني عبد المطّلب مطل) - بضم الميم والطاء المهملة- جمع: ماطل؛ أي تمتنعون من أداء الحقّ، وتسوّفون بالوعد؛ مرّة بعد أخرى، (فقال عمر) - في رواية أبي نعيم: فنظر إليه عمر؛ وعيناه تدوران في وجهه؛ كالفلك المستدير؛ فقال- (: أي؛ عدوّ الله، أتقول لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ما أسمع) !! زاد أبو نعيم: وتفعل به ما أرى!! (فو الله؛ لولا ما أحاذر) - بمعنى أحذر، أي: شيء أخاف ( [فوته] ) من بقاء الصلح بين المسلمين وبين قومه، - وفي رواية أبي نعيم: لولا ما أحاذر قومك- (لضربت بسيفي رأسك!!

ورسول الله صلّى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر بسكون) ضدّ: الحركة (وتؤدة) ؛ التأنّي، فتغاير مفهوما؛ لا ما صدقا «١» ، (وتبسّم) من مقالهما، لشدّة حلمه، ولعله كوشف «٢»


(١) مصطلح منطقي يقابل المفهوم، غير أن أحدهما للمفرد والآخر للمركب.
(٢) في هذا تأمّل!! إذ لو كشف ما في رغبة ابن سعنة لم تعد ثمّة فضيلة في هذا الحلم، ولبطل موضع الشاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>