للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام النّوويّ في «التّهذيب» : (قد جمع الله سبحانه وتعالى له صلّى الله عليه وسلّم كمال الأخلاق، ومحاسن الشّيم، وآتاه علم الأوّلين والآخرين، وما فيه النّجاة والفوز؛ وهو أمّيّ لا يقرأ ولا يكتب، ولا معلّم له من البشر، وآتاه ما لم يؤت أحدا من العالمين، واختاره على جميع ...

فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ويحك يا أبا سفيان؛ ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله؟!» . فقال: بأبي أنت وأمّي؛ أمّا هذه ففي النّفس منها شيء!! فقال له العبّاس: ويحك؛ أسلم واشهد أن لّا إله إلا الله، وأنّ محمدا رسول الله قبل أن يضرب عنقك. فشهد شهادة الحق وأسلم. والحديث مذكور بتمامه في السير، وأمر أبي سفيان رضي الله عنه مشهور.

(وقال) الحافظ الحجّة (الإمام) وليّ الله تعالى شيخ الإسلام أبو زكريا يحيى بن شرف محيي الدين (النّوويّ) تغمّده الله برحمته ورضوانه. آمين

(في) كتاب ( «التّهذيب» ) ؛ أي: «تهذيب الأسماء واللغات» الّذي لا يستغني عنه طالب علم (: قد جمع الله سبحانه وتعالى له صلّى الله عليه وسلم كمال الأخلاق) أي: الأخلاق الكاملة المتفرّقة في الناس، جمع الله تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلم منها كمالها وأعلاها، (ومحاسن الشّيم) - بالشين المعجمة والمثناة التحتية؛ جمع شيمة، كسدرة وسدر- وهي: الغريزة والطبيعة والجبلّة التي خلق الإنسان عليها؛ أي علّمه الله تعالى جميع محاسن الأخلاق والطرق الحميدة، وجمع له السيرة الفاضلة والسياسة التامّة.

(وآتاه) أي: أعطاه (علم الأوّلين والآخرين، وما فيه النّجاة والفوز) في الآخرة، والغبطة والخلاص في الدنيا، (وهو أمّيّ) منسوب إلى بطن الأم؛ (لا يقرأ ولا يكتب، ولا معلّم له من البشر!!) ؛ نشأ في بلاد الجهل والصحاري يتيما لا أب له ولا أمّ.

(وآتاه ما لم يؤت أحدا من العالمين، واختاره) أي: اصطفاه (على جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>