وسمّوا جنّا!! لاستتارهم عن أعين الناس غالبا، وسمّوا «شياطينا» !! لبعدهم عن رحمة الله تعالى، ومنه بئر شطون؛ إذا كانت بعيدة العمق.
وسمّي إبليس!! لأنّه أبلس من رحمة الله عزّ وجلّ، أي: يئس، والمبلس:
الكئيب الحزين الآيس؛ كما في «التهذيب» للنووي. وفيهم أهل السّنّة، والمبتدعة؛ حتّى الشيعة والرافضة، والمرجئة والقدرية. وغير ذلك على مذاهب الإنس الذي يسكنون معهم في بلادهم، ولهم ملوك كبار، وأسماء ملوك يخضعون لها، ويطيعون للإقسام عليهم بها، وقد يخضعون لأسماء من أسماء الله تعالى القاهرة، ويستخدمون بها مسخّرين، ولذلك صفات وهيئات معروفة عند المعزّمين الذين يفتتنون بذلك، وقد يصيبهم منهم مصائب؛ نسأل الله العافية، ولهم سلطة على بعض المسلمين، ويتولّجون في باطن الحيوانات، وينفذون من منافذها الضيقة؛ نفوذ الهوى المستنشق.
وفي الحديث الصحيح في البخاري «إنّ الشّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم» . قال الشّرّاح أي: يدخل فيه. لما تقرّر أنّه جسم لطيف، وحمل الحديث على الحقيقة؛ أخذا بظاهره أولى من حمله على المجاز؛ وهو الوسوسة. انتهى.
ومن لازم دخولهم في الإنس المرض والصّرع، وتشويه الخلقة لبعض المسلمين، ولغة الجنّ كلّ منهم على لغة من يسكنون بلده، ومذاهبهم على مذاهب الإنس الذين يسكنون بلدهم، ولهم الأعمار الطويلة؛ فلا يموتون إلّا بالصعقة، فإنهم كأبيهم إبليس من المنظرين. وقيل: إن المسلم منهم يموت قبل الصعقة؛ والكافر منهم لا يموت إلا بموت إبليس.
قال العلّامة شيخ الإسلام محمد بن أبي بكر الأشخر رحمه الله تعالى:
الجنّ مكلّفون، لا على حدّ تكليفنا وتفصيله، فمن ثمّ يجب الحجّ على من أمكنه الطيران منهم، بخلاف من أمكنه ذلك خرق عادة من الأنس، فعلى هذا يسجد لتلاوته، ويقتدى به، وتحصل فضيلة الصفّ، ويتمّ به عدد الجمعة، ويكفي