فالتشبيه ليس من كلّ وجه؛ كما يفيد ذلك قوله «لك» ولم يقل «وعليك» !! فإنّه يفيد أنّه لها كأبي زرع لأمّ زرع في النفع؛ لا في الضرّ الّذي حصل بطلاقها.
ويؤخذ من الحديث ندب حسن العشرة مع الأهل، وحلّ السّمر في خير؛ كملاطفة حليلته، وإيناس ضيفه وجواز ذكر المجهول عند المتكلّم والسّامع بما يكره، فإنّه ليس غيبة.
غاية الأمر: أن عائشة رضي الله تعالى عنها ذكرت نساء مجهولات، وذكر بعضهن عيوب أزواجهن المجهولين الذين لا يعرفون بأعيانهم؛ ولا بأسمائهم، ومثل هذا لا يعدّ غيبة، على أنّهم كانوا من أهل الجاهليّة؛ وهم ملحقون بالحربيّين في عدم احترامهم.
وفي الحديث فوائد كثيرة. وقد أفرده بالتصنيف أئمّة؛ منهم القاضي عياض، والإمام الرافعي في مؤلف جليل جامع، وساقه بتمامه في «تاريخ قزوين» !.
قال الحافظ ابن حجر: المرفوع من حديث أبي زرع في «الصحيحين»«كنت لك كأبي زرع لأمّ زرع» ، وباقيه من قول عائشة رضي الله تعالى عنها.
وجاء خارج «الصحيحين» مرفوعا كلّه من رواية عبّاد بن منصور عند النسائي، وساقه بسياق لا يقبل التأويل؛ ولفظه: قالت: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كنت لك كأبي زرع لأمّ زرع» قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: بأبي أنت وأمّي، يا رسول الله من كان أبو زرع!؟ قال:«اجتمع ... » فساق الحديث كلّه.
وكذا جاء مرفوعا عند الزّبير بن بكّار، وجاء في بعض طرقه الصحيحة:
ثمّ أنشأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحدّث بحديث أمّ زرع، ويقوّي رفعه جميعه أنّ التشبيه المتّفق على رفعه يقتضي أن يكون النبي صلّى الله عليه وسلم سمع القصّة وعرفها فأقرّها، فيكون مرفوعا كلّه؛ من هذه الحيثية. انتهى؛ نقله في «جمع الوسائل» للعلّامة الملا علي قاري رحمه الله تعالى.