للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبلغهم من غير تطويل، وأحسنهم بشرا، لا يهوله شيء من أمر الدّنيا.

أصحابه؛ غضّوا أبصارهم، ولم يتكلّموا حتّى يسألهم مهابة. أو عن كونهم متلذّذين بكلامه.

وأصل ذلك: أنّ الغراب يقع على رأس البعير يلقط عنه صغار القردان؛ فيسكن سكون راحة ولذّة، ولا يحرّك رأسه؛ خوفا من طيرانه عنه.

وهذه الحالة لهم إنّما هي من تخلّقهم بأخلاقه صلّى الله عليه وسلم إذ كان صلّى الله عليه وسلم لكمال استغراقه بالمشاهدة في سكون دائم وإطراق ملازم.

(وأبلغهم) ؛ أي: أكثرهم بلاغة في الكلام (من غير تطويل) .

قال الحافظ العراقي: روى الشيخان؛ من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها:

كان يحدّث حديثا لو عدّه العادّ لأحصاه.

ولهما من حديثها: لم يكن يسرد الحديث كسردكم. علّقه البخاري، ووصله مسلم.

زاد الترمذيّ: ولكنه كان يتكلّم بكلام يبيّنه؛ فصل، يحفظه من جلس إليه.

وله في «الشمائل» ؛ من حديث هند بن أبي هالة يتكلّم بجوامع الكلم، فصل؛ لا فضول ولا تقصير.

(وأحسنهم بشرا) قال الحافظ العراقي: رواه الترمذي في «الشمائل» ؛ من حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: كان صلّى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق ... الحديث.

وله في «الجامع» ؛ من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء: ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ وقال غريب. قلت: وفيه ابن لهيعة. انتهى شرح «الإحياء» .

(لا يهوله شيء من أمر الدّنيا) يقال: هاله الشيء؛ إذا راعه وأعجبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>