للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعتقل الشّاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشّعير.

وكان صلّى الله عليه وسلّم يعود مرضى المساكين ...

قال الإمام الغزاليّ: وقد انتهت النوبة الآن إلى طائفة يسمّون الرعونة «نظافة» ، ويقولون: هي مبنى الدين. فأكثر أوقاتهم في تزيين الظاهر؛ كفعل الماشطة لعروسها والباطن خراب، ولا يستنكرون ذلك، ولو مشى أحدهم على الأرض حافيا؛ أو صلّى عليها بغير سجادة مفروشة أقاموا عليه القيامة، وشدّدوا عليه النكير، ولقّبوه ب «القذر» وأخرجوه من زمرتهم، واستنكفوا عن مخالطته؛ فقد صار المعروف منكرا، والمنكر معروفا. انتهى. ذكره المناوي.

وهذا في زمان الغزاليّ؛ فكيف لو رأى زماننا، ورأى ما فيه من اعتناء الناس بإصلاح الظواهر؟! خصوصا الشباب، فإنّ الواحد منهم يحسّن نفسه ويمشط رأسه ويلبس الملابس الرقيقة الشفّافة؛ أو الملساء البرّاقة، حتّى يصير أشبه بالبنت في الميوعة والتكسّر، تكاد تكون ذهبت منه الرجولة؟! فلا حول ولا قوّة إلّا بالله العزيز الحكيم.

(ويعتقل الشّاة) قال المناوي: أي: يجعل رجليه بين قوائمها ليحلبها؛ إرشادا إلى التواضع وترك الترفّع. (ويجيب دعوة المملوك) يحتمل أنّ المراد إذا أمره سيّده بذلك، لأن المملوك يمتنع عليه الإطعام من مال سيده بغير إذنه (على خبز الشّعير) زاد في رواية: والإهالة السنخة: أي الدّهن المتغيّر الريح.

وعلمه ذلك؛ إمّا بإخبار الداعي، أو للعلم بفقره ورثاثة حاله، أو مشاهدة غالب مأكوله ... ونحو ذلك من القرائن الحاليّة، فكان لا يمنعه ذلك من إجابته؛ وإن كان حقيرا، وهذا من كمال تواضعه ومزيد براءته من سائر صنوف الكبر وأنواع الترفع. انتهى «مناوي» .

(و) «في كشف الغمّة» : (كان صلّى الله عليه وسلم يعود مرضى المساكين) ؛ جمع مسكين بكسر الميم وفتحها؛ مأخوذ من السكون، ويكون بمعنى المتذلّل الخاضع، ومنه

<<  <  ج: ص:  >  >>