للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنه أيضا قال: حجّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على رحل رثّ، وعليه قطيفة لا تساوي أربعة دراهم، فقال: «اللهمّ؛ اجعله حجّا لا رياء فيه ولا سمعة» .

(و) أخرج ابن ماجه، والترمذيّ في «الشمائل» واللفظ له- بسند ضعيف، وله شاهد ضعيف؛ ذكره في «جمع الوسائل» - وكذا أخرجه البيهقيّ: كلهم؛

(عنه) أي: أنس بن مالك (أيضا) رضي الله [تعالى] عنه (قال: حجّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم) بعد الهجرة في حجّة الوداع (على رحل) أي: قتب (رثّ) - بفتح الراء المهملة وتشديد المثلاثة- أي: خلق بال، والرّحل للجمل كالسّرج للفرس، أي:

حال كونه صلّى الله عليه وسلم راكبا على قتب بال، (وعليه) أي: الرّحل، كما هو أنسب بالسياق.

ويؤيده قوله في رواية أخرى «على رحل وقطيفة» فأفادت أنّ ضمير «عليه» ليس للمصطفى [صلى الله عليه وسلم] . (قطيفة) أي: كساء من صوف له خمل، وهو: هدب القطيفة، أي: الخيوط التي بطرفه المرسلة من السّدى من غير لحمة عليها (لا تساوي) أي: لا يبلغ مقدار ثمنها (أربعة دراهم) ، لأنه في أعظم مواطن التواضع، لا سيّما والحجّ حالة تجرّد وإقلاع، وخروج عن المواطن سفرا إلى الله!! ألا ترى ما فيه من الإحرام!! ومعناه: إحرام النفس من الملابس؛ تشبيها بالفارّين إلى الله، ومن الوقوف الذي يتذكّر به الوقوف بين يدي الله تعالى، فكان التواضع في هذا المقام من أعظم المحاسن، لأن الحجّ من أعظم شعائره التواضع وإظهار الافتقار إلى الله تعالى، ومنع النفس من التلذّذ والملابس؛

(فقال: «اللهمّ؛ اجعله) أي: اجعل حجّي هذا (حجّا) - بفتح الحاء وكسرها- (لا رياء فيه) الرياء: العمل لغرض مذموم؛ كأن يعمل ليراه الناس.

(ولا سمعة» ) - بضمّ السين، فسكون الميم- وهي: أن يعمل العمل وحده، ثم يتحدّث بذلك ليسمع الناس ويصير مشهورا به؛ فيكرم ويعظم جاهه في قلوبهم.

وفي الحديث: «من راءى راءى الله به، ومن سمّع سمّع الله به» ، فتضرّع صلّى الله عليه وسلم إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>