رأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأنا غلام، إذ أقبلت امرأة حتّى دنت منه، فبسط لها رداءه، فجلست عليه، فقلت: من هذه؟ قالوا:
أمّه الّتي أرضعته.
من الصّحابة على الإطلاق، كان مولده عام واحد من الهجرة، ووفاته سنة مائة من الهجرة، روى أربعة أحاديث. قال بعضهم:
آخر من مات من الصّحاب له ... أبو الطّفيل عامر بن واثله
وقد روى هذا الحديث أبو داود في «سننه» بسند حسن؛ كما قال الخفاجيّ، أو صحيح؛ كما قال ملا علي قاري؛ كلاهما في «شرح الشفاء» ؛ عن أبي الطّفيل المذكور قال:
(رأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلم) أي: وكان جالسا [ذات] يوم بالجعرانة يقسم لحما؛
(وأنا غلام) في «كفاية المتحفّظ» : الغلام- عند بعض أهل اللغة-: الصبيّ إذا فطم إلى سبع سنين، ثم يصير يافعا إلى عشر حجج. وقد يطلق الغلام على الشابّ التامّ الرجولية. والمراد هنا الأوّل.
(إذ أقبلت امرأة حتّى دنت منه) أي: قربت من مكانه الجالس فيه، (فبسط لها رداءه) ؛ تكريما لها. (فجلست عليه) أي: بأمره.
(فقلت [لمن عنده] : من هذه؟ قالوا: أمّه الّتي أرضعته) فقيل: هي حليمة. وقيل: ثويبة. قال الحافظ الدّمياطيّ: لا يعرف لحليمة صحبة؛ ولا إسلام، وزوجها لا نعرف له صحبة؛ ولا إسلاما،
وما قاله ابن عبد البرّ من «أنّها أتته صلّى الله عليه وسلم يوم حنين، وبسط لها رداءه، وروت عنه، وروى عنها عبد الله بن جعفر!! لم يصحّ، وابن جعفر لم يدركها، وإنّما التي جاءته هي بنتها الشّماء.
وأمّا حليمة!! فإنّها جاءته صلّى الله عليه وسلم بمكّة قبل النبوة في زمن خديجة رضي الله عنها؛ فأعطاها أربعين شاة وجملا، ثم انصرفت لأهلها.