للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقبل أبوه من الرّضاعة، فوضع له بعض ثوبه، فقعد عليه. ثمّ أقبلت أمّه، فوضع لها شقّ ثوبه من جانبه الآخر، فجلست عليه. ثمّ أقبل أخوه من الرّضاعة، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأجلسه بين يديه.

وكان صلّى الله عليه وسلّم يبعث إلى ثويبة- مولاة أبي لهب-..

فأقبل أبوه من الرّضاعة) ؛ هو: الحارث بن عبد العزّى- وقد تقدّم الكلام فيه وفي إسلامه- (فوضع له) صلى الله عليه وسلم (بعض ثوبه) وفرشه له في الأرض ليجلس عليه، (فقعد عليه، ثمّ أقبلت أمّه) ؛ أي: حليمة، (فوضع لها شقّ) - بكسر الشين المعجمة- أي: طرف (ثوبه من جانبه الآخر؛ فجلست عليه؛ ثمّ أقبل أخوه من الرّضاعة) وهو عبد الله بن الحارث المذكور، (فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديه) يعني:

أنّه أجلس أباه عن يمينه وفرش له جانبا من ثوبه، وأجلس أمّه حليمة عن يساره وفرش تحتها جانبا من ثوبه؛ إكراما لها، فلما قدم أخوه- وهو عبد الله بن الحارث بن عبد العزّى- لم يبق جانب من ثوبه يفرشه، فقام له صلّى الله عليه وسلم لئلا يقصّر في توقيره عن أبويه!!

وفيه دليل على أنّه يجوز القيام تعظيما لمن يستحقّ التعظيم؛ خلافا لمن قال «إنّه مكروه مطلقا» !!

وللنّبيّ صلّى الله عليه وسلم عدّة مرضعات؛ منها حليمة هذه، وثويبة مولاة أبي لهب الآتية، وخولة بنت المنذر بن زيد بن لبيد، وأمّ أيمن، وثلاث نسوة من سليم؛ تسمّى كلّ واحدة منهنّ «عاتكة» ، وهو أحد القولين في قوله صلّى الله عليه وسلم: «أنا ابن العواتك» وقيل: إنّهنّ جدّات له.

ومعنى عاتكة: متضمّخة بالطيب؛ قاله الخفاجي.

(وكان صلّى الله عليه وسلم يبعث) أي: يرسل من المدينة إلى مكة (إلى ثويبة) - بضمّ مثلّثة وفتح واو، فسكون تحتيّة فموحّدة- (: مولاة أبي لهب) - بفتح الهاء- أي: جارية عتيقة لأبي لهب، وهذه كنيته، واسمه عبد العزّى، وكنّي «أبا لهب» ! لتوقّد

<<  <  ج: ص:  >  >>