للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا لقيه جبريل.. كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أجود بالخير من الرّيح المرسلة.

أي: يقرؤه عليه عن ظهر قلب.

أي: يعرض عليه بعضه؛ أو معظمه، لأنّ أوّل رمضان من البعثة لم يكن نزل من القرآن إلّا بعضه، ثمّ كذلك كلّ رمضان بعده إلى الأخير، فكان نزل كلّه إلّا ما تأخّر نزوله بعد رمضان المذكور، وكانت في سنة عشر إلى أن توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وممّا نزل في تلك المدّة قوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [٣/ المائدة] .. الآية، فإنّها نزلت في يوم عرفة بالاتفاق، ففيه إطلاق القرآن على بعضه؛ وعلى معظمه!!.

وقد روى الإمام أحمد، وأبو داود، والطبرانيّ أنّ الذي جمع عليه عثمان الناس يوافق العرضة الأخيرة

(فإذا لقيه جبريل) لا سيّما عند قراءة التنزيل (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أجود بالخير) أي: أسخى ببذل الخير للخير (من الرّيح المرسلة) - بفتح السين- بالمطر، فإنّها ينشأ عنها جود كثير، لأنها تنشر السحاب وتملؤه ماء، ثم تبسطها لتعمّ الأرض فينصبّ ماؤها عليها، فيحيا به الموات، ويخرج به النبات.

وتعبيره ب «أفعل» التفضيل نصّ في كونه أعظم جودا منها، لأن الغالب عليها أن تأتي بالمطر، وربّما خلت عنه؛ وهو لا ينفكّ عن العطاء والجود.

وبالجملة؛ فقد فضل جوده على جود الناس، ثمّ فضل جوده في رمضان على جوده في غيره، ثم جوده في ليالي رمضان عند لقاء جبريل على جوده في غيره، ثم شبّهه بالريح المرسلة في التعميم والسرعة.

فإن قيل: ما الحكمة في تخصيص الليل المذكور في رواية «الصحيحين» بمعارضة القرآن؛ دون النهار!!؟

فالجواب: هو أن المقصود من التلاوة الحضور والفهم، ومظنّة ذلك الليل،

<<  <  ج: ص:  >  >>