القضاعي الشافعي المصري، والشيخ عبد السلام بن عبد القادر الفاسي.
وأكثر هؤلاء اجتمع بهم في مواسم الحج في رحاب شيخه السيد علوي بن عبّاس المالكي الذي كان مجمعا للوفود من الحجاج والمعتمرين من علماء العالم الإسلامي. وقد صنف ثبتا صغيرا في حجمه؛ كبيرا في علمه، ضمّنه شيوخه ومرويّاتهم باختصار وختمه بفوائد نفيسة، وذكر فيه أنّه أجاز أهل عصره؛ فقال: هذا؛ وإني قد أجزت من أدرك حياتي ممن أراد الرواية عني، وقبل الإجازة مني؛ اقتداء بالأئمة الذين فعلوا ذلك وأجازوه.
قال الشيخ العلامة المحقق محمد بن علي ابن علّان الصدّيقي المكي المتوفى سنة: ١٠٥٧ هـ رحمه الله تعالى في آخر «شرح الأذكار» المسمّى «الفتوحات الربانية» ، قال الإمام النووي في «الإشاد» : (إذا أجاز لغير معين بوصف العموم؛ كقوله: أجزت للمسلمين، أو لكلّ أحد، أو لمن أدرك زماني، وما أشبهه.. ففيه خلاف للمتأخّرين المجوّزين لأصل الإجازة. فإن كان مقيّدا بوصف خاصّ فهو إلى الجواز أقرب، وجوّز جميع ذلك الخطيب، وجوّز القاضي أبو الطيّب، الإمام المحقّق الإجازة لجميع المسلمين الموجودين عندها، ثمّ قال: وأجاز أبو عبد الله بن منده لمن قال: لا إله إلّا الله، وأجاز أبو عبد الله بن عتّاب وغيره من أهل المغرب لمن دخل قرطبة من طلبة العلم، وقال أبو بكر الحازمي الحافظ: الذين أدركتهم من الحفّاظ، كأبي العلاء وغيره، كانوا يميلون إلى جواز هذه الإجازة العامّة.
قال الشيخ ابن الصلاح رحمه الله تعالى: ولم يسمع عن أحد يقتدى به أنّه استعمل هذه الإجازة فروى بها، ولا عن الشرذمة الّتي سوّغتها، وفي أصل الإجازة ضعف فتزداد بهذا ضعفا كثيرا لا ينبغي احتماله.
وهذا الذي قاله الشيخ ابن الصلاح خلاف ظاهر كلام الأئمّة المحقّقين والحفّاظ المتقنين، وخلاف مقتضى صحّة هذه الإجازة، وأيّ فائدة إذا لم يرو بها) . انتهى كلام الإمام النووي رحمه الله تعالى «١» .
(١) كتاب «المرقاة إلى الرواية والرواة» ؛ للشيخ عبد الله بن سعيد اللحجي ص ٦٠- ٦١.