للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي أبو بكر ابن العربيّ المالكيّ ...

مثل الكتب الستّة والمسانيد الأربعة على أهل الفن المعتبرين، وعرف الاصطلاح معرفة جيدة، ودرس كتب ابن الصلاح وحواشيه، وشروح الألفية وحواشيها، وترقّى إلى تدوين معتبر في السنّة وعلومها، وعرف فيه بالإجادة قلمه، والاطلاع والتوسعة مذهبه، والاختيار والترجيح في ميادين الاختلاف نظره، مع اتساع في الرواية؛ بحيث أخذ عن شيوخ إقليمه ما عندهم، ثم شره إلى الرواية عمّن هم في الأقاليم الأخر بعد الرحلة إليهم، وعرف العالي والنازل، والطبقات والخطوط والوفيات، وحصّل الأصول العتيقة؛ والمسانيد المعتبرة، والأجزاء والمشيخات المفرّقة، وجمع من أدوات الفنّ ومتعلّقاته أكثر ما يمكن أن يحصل عليه، مع ضبطه وصونه لها، واستحضاره لأغلب ما فيها، وما لا يستحضره عرف المظانّ له منها على الأقلّ، ويشبّ ويشيخ وهو على هذه الحالة من التعاطي والإدمان والانقطاع له. فمن حصّل ما ذكر، أو تحقّق وصفه ونعته به؛ جاز أن يوصف بالحفظ عندي بحسب زمانه ومكانه. انتهى كلام الشيخ عبد الحي الكتاني رحمه الله تعالى.

قال: فلذلك أردت أن أرشدك إلى من وقفت على وصفه من الأئمة المعتبرين بالحفظ والإتقان، وإنه من كبار محدّثي الزمان، ووجد مع الحافظ ابن حجر وبعده إلى الآن، لتعلم أنّ فضل الله لا ينحصر بزمان؛ أو مكان؛ أو جهة من الجهات، فهو سبحانه يعطي بلا امتنان؛ ولا تحجير عليه من أهل الزمان.

ثم ذكر ثمانية وخمسين شخصا بأسمائهم من أهل القرن التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، وترجم لجميعهم. رحمهم الله تعالى.

آمين.

(القاضي أبو بكر بن العربيّ) محمد بن عبد الله بن محمد المعافري الإشبيلي (المالكيّ) ، ولد في «إشبيلية» سنة: - ٤٦٨- ثمان وستين وأربعمائة، ورحل إلى المشرق، وبرع في الأدب، وبلغ رتبة الاجتهاد في علوم الدين، وصنّف كتبا في الحديث والفقه، والأصول والتفسير، والأدب والتاريخ، وولي قضاء «إشبيلية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>